إسلامه وتوبته ولو كان مجرد التوبة يغفر لهم بها ما في ضمنها مغفرة تسقط الحد لم يجز ذلك فعلم أنه كان يملك العقوبة على من سبه بعد التوبة كما يملكها غيره من المؤمنين.
فهذا الكلام في توبة الساب فيما بينه وبين الله هل تسقط حق الرسول أم لا؟ وبكل حال سواء أسقطت أم لم تسقط لا يقتضي ذلك أن إظهارها مسقط للحد إلا أن يقال: هو مقتول لمحض الردة أو محض نقض العهد فإن توبة المرتد مقبولة وإسلام من جرد نقض العهد مقبول مسقط للقتل.
وقد قدمنا فيما مضى بالأدلة القاطعة أن هذا مقتول لردة مغلظة ونقض مغلظ بمنزلة من حارب وسعى في الأرض فسادا.
ثم من قال:"يقتل حقا لآدمي" قال: العقوبة إذا تعلق بها حقان حق لله وحق لآدمي ثم تاب سقط حق الله وبقي حق الآدمي من القود وهذا التائب إذا تاب سقط حق الله وبقي حق الآدمي.
ومن قال:"يقتل حدا لله" قال: هو بمنزلة المحارب وقد يسوى بين من سب الله وبين من سب الرسول على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقولهم في المقدمة الثانية:"إذا أظهر التوبة وجب أن نقبلها منه" قلنا: هذا مبني على أن هذه التوبة مقبولة مطلقا وقد تقدم الكلام فيه.
ثم الجواب هنا من وجهين:
أحدهما: القول بموجب ذلك فإنا نقبل منه هذه التوبة ونحكم بصحة إسلامه كما نقبل توبة القاذف ونحكم بعدالته ونقبل توبة السارق وغيرهم لكن الكلام في سقوط القتل عنه ومن تاب بعد القدرة عليه لم يسقط عنه شيء من الحدود الواجبة بقدر زائد على الردة أو النقض ومن تاب قبلها لم تسقط