للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويصبر عليهم لمصلحة التأليف وخشية التنفير إلى أن نسخ ذلك بقوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} .

الثالث: أنا نقول بموجبه فنقبل من هذا الإسلام ونقيم عليه حد السب كما لو أتى حدا غيره وهذا جواب من يصحح إسلامه ويقتله حدا لفساد السب.

الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستتب أحدا منهم ويعرضه على السيف ليتوب ممن مقالة صدرت منه مع أن هذا مجمع على وجوبه فإن الرجل منهم إذا شهد عليه بالكفر والزندقة فإما أن يقتل عينا أو يستتاب فإن لم يتب وإلا قتل.

وأما الاكتفاء منه بمجرد الجحود فما أعلم به قائلا بل أقل ما قيل فيه أنه يكتفي منهم بالنطق بالشهادتين والتبري من تلك المقالة فإذا لم تكن السيرة في المنافقين كانت هكذا علم أن ترك هذا الحكم لفوات شرطه وهو إما ثبوت النفاق أو العجز عن إقامة الحد أو مصلحة التأليف في حال الضعف حتى قوي الدين فنسخ ذلك.

وإن كان الاحتجاج بقبول ظاهر الإسلام ممن سب فعنه جواب خامس وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يعفو عمن شتمه في حياته وليس هذا العفو لأحد من الناس بعده.

وأما تسمية الصحابة الساب غادرا محاربا فهو بيان لحل دمه وليس كل من نقض العهد وحارب سقط القتل عنه بإسلامه بدليل ما لو قتل مسلما أو قطع الطريق عليه أو زنى بمسلمة بل تسميته محاربا مع كون السب فسادا يوجب دخوله في حكم الآية كما تقدم.

<<  <   >  >>