للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن قاس الشيء على ما يخالفه ويفارقه كان قياسه فاسدا فإن جعل هذا سببا عاصما قياس لسبب على سبب مع تباينهما في نوع الحكمة وقدرها ثم إنه إخلاء للسب الذي هو أعظم الجناية على الأعراض من العقوبات ولا عهد لنا بهذا في الشرع فهو إثبات حكم خارج عن القياس وجعل لكونه موجبا للقتل موجبا لكونه أهون من أعراض الناس في باب السقوط وهذا تعليق على العلة ضد مقتضاها وخروج عن موجب الأصول فإن العقوبات لا يكون تغلظها في الوجوب سببا لتخفيفها في السقوط قط لكن إن كان جنسها مما يسقط سقطت خفيفة كانت أو غليظة كحقوق الله في بعض المواضع ولم تسقط خفيفة كانت أو غليظة كحقوق العباد.

ثم إن القول باستتابة الساب قول يخالف كتاب الله ويخالف صريح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه وأصحابه والقول بأن لا حق للرسول على الساب إذا أسلم الذمي أو المسلم ولا عقوبة له عليه قول يخالف المعروف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخالف أصول الشريعة ويثبت حكما ليس له أصل ولا نظير إلا أن يلحق بما ليس مثلا له.

الجواب الثاني: أنا لم ندع أن مجرد السب موجب للقتل وإنما بينا أن كل سب فهو محاربة ونقض للعهد بما يضر المسلمين فيقتل بمجموع الأمرين السب ونقض العهد ولا يجوز أن يقال: خصوص السب عديم التأثير فإن فساد هذا معلوم قطعا بما ذكرناه من الأدلة القاطعة على تأثيره وإذا كان كذلك فلم نثبته سببا خارجا عن الأسباب المعهودة وإنما هو مغلظ للسبب المعروف وهو الكفر كما أن قتل النفس موجب لحل دمه ثم إن كان قد قتله في المحاربة تغلظ بتحتم القتل وإلا بقي الأمر فيه إلى الأولياء

<<  <   >  >>