ومعلوم أن المقتول من قطاع الطريق لا يقال فيه "قتل قودا ولا قصاصا" حتى يرتب عليه أحكام من يجب عليه القود وإنما يضاف القتل إلى خصوص جنايته وهو القتل في المحاربة كذلك هنا الموجب هو خصوص المحاربة.
وقولهم:"الأدلة مترددة بين كون القتل لمجرد المحاربة أو لخصوص السب" قلنا: هي نصوص في أن السب مؤثر تأثيرا زائدا على مطلق تأثير الكفر الخالي عن عهد فلا يجوز إهمال خصوصه بعد اعتبار الشرع له وأن يقال: إنما المؤثر مجرد ما في ضمنه وطيه من زوال العهد ولذلك وجب قتل صاحبه عينا من غير تخيير كما قررنا دلالته فيما مضى وإذا كان كذلك فليس مع المخالف ما يدل على أن القتل المباح يسقط بالإسلام وإن كان هذا من فروع الكفر كما أن الذمي إذا استحل دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم فانتهكها لاعتقاده أنهم كفار وأن ذلك حلال له منهم ثم أسلم فإنه يعاقب على ذلك: إما بالقتل إن كان فيها ما يوجب القتل أو بغيره ولذلك لو استحل ذلك ذمي من ذمي مثل أن يقتل نصراني يهوديا أو يأخذ ماله لاعتقاده أن ذلك حلال له أو يقذفه أو يسبه فإنه يعاقب على ذلك عقوبة مثله وإن أسلم وكذلك لو قطع الطريق على قافلة فيهم مسلمون ومعاهدون فقتل بعض أولئك المسلمين أو المعاهدين قتل لأجل ذلك حتما وانتقض عهده وإن أسلم بعد ذلك وإن كان هذا من فروع الكفر فهذا رجل انتقض عهده بأمر يعتقد حله قبل العهد ولو فعله مسلم لم يقتل عند كثير من الفقهاء إذا كان المقتول ذميا وكل واحد من الكفر ومن القتل مؤثر في قتله وإن كان عهده إنما زال بهذا القتل فهذا نظير السب ثم لو أسلم هذا لم يسقط عنه القتل بل يقتل إما حدا أو قصاصا سواء كان ذلك القتل مما يقتل به المسلم بأن يكون