يقتل لأنه إنما استثنى من تاب قبل القدرة في الجملة فهذه المقدمة ممنوعة والتمييز بين أنواع الحراب يكشف اللبس.
وأما ما ذكروه من أن الكافر أو المسلم إذا سب فيما بينه وبين الله وقذف الأنبياء ثم تاب قبل الله توبته ولم يطالبه النبي بموجب قذفه في الدنيا ولا في الآخرة وأن الإسلام يجب قذف اليهود لمريم وابنها وقولهم في الأنبياء والرسل فهو كما قالوا ولا ينبغي أن يستراب في مثل هذا وقد صرح به بعض أصحابنا وغيرهم وقالوا: إنما الخلاف في سقوط القتل عنه أما توبته وإسلامه فيما بينه وبين الله فمقبولة فإن الله يقبل التوبة عن عباده من الذنوب كلها وعموم الحكم في توبة المسلم والذمي فأما توبة المسلم فقد تقدم القول فيها وأما توبة الذي من ذلك فإن كان ذلك السب ليس ناقضا للعهد بأن يقوله سرا فتوبته منه كتوبة الحربي من جميع ما يقوله ويفعله وتوبة الذمي من جميع ما يقر عليه من الكفر فإن هذا لم يكن ممنوعا منه بعقد الذمة وليس كلامنا فيه وبه يخرج الجواب عما ذكروه فإن السب الذي قامت الأدلة على مغفرته بالإسلام ليس هو السب الذي ينتقض به عهد الذمي إذا فعله وإنما فرق في الذمي بين الجهر بالسب والإسرار به بخلاف المسلم لأن ما يسره من السب لا يمنعه منه إيمان ولا أمان ألا ترى أنه لو قذف واحدا من المسلمين سرا مستحلا لذلك ثم أسلم كما لو قذفه وهو حربي ثم أسلم ومعلوم أن الكافر الذي لا عهد معه يمنعه من شيء متى أسلم سقط عنه جميع الذنوب تبعا للكفر نعم لو أتى من السب بما يعتقده حراما في دينه ثم أسلم ففي سقوط حق المسبوب هنا نظر ونظيره أن يسب الأنبياء بما يعتقده محرما في دينه وأما إن كان السب ناقضا للعهد فإظهاره له مستحلا له في الأصل وغير مستحل كقتله المسلم مستحلا أو غير مستحل فالتوبة هنا تسقط حق الله في الباطن وأما إسقاطها لحق الآدمي