نص عليه الإمام أحمد في توبة الداعي إلى البدعة أنه يتعين فيه مضي سنة إتباعا لما أمر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قضية صبيغ بن عسل فإنه تاب عنده ثم نفاه إلى البصرة وأمر المسلمين بهجره فلما حال الحول ولم يظهر منه إلا خير أمر المسلمين بكلامه وهذه قضية مشهورة بين الصحابة هذه طريقة أكثر أصحابنا.
وظاهر طريقة أبي بكر أنه يفرق بين التوبة قبل أن يقر بأن يجيء تائبا وبين أن يقر ثم يتوب لأن أحمد رضي الله عنه إنما أسقط الحد عمن جاء تائبا فأما إذا أقر ثم تاب فقد رجع أحمد عن القول بسقوط الحد.
وللشافعي أيضا في سقوط سائر الحدود غير حد المحارب بالتوبة قولان أصحهما أنه يسقط لكن حد المحارب يسقط بإظهار التوبة قبل القدرة وحد غيره لا يسقط بالتوبة حتى يقترن بها الإصلاح في زمن يوثق بتوبته وقيل: مدة ذلك سنة.
هكذا ذكر العراقيون من أصحابه وذكر بعض الخراسانيين أن في توبة المحارب وغيره بعد الظفر قولين إذا اقترن بها الإصلاح واستشكلوا ذلك فيما إذا أنشأ التوبة حيث أخذ لإقامة الحد فإنه لا يؤخر حتى يصلح العمل.
ومذهب أبي حنيفة ومالك أنه لا يسقط بالتوبة وذكر بعضهم أن ذلك إجماع وإنما هو إجماع في التوبة بعد ثبوت الحد.
فصل.
إذا تلخص ذلك فمن سب الرسول صلى الله عليه وسلم ورفع إلى السلطان وثبت ذلك عليه بالبينة ثم أظهر التوبة لم يسقط عنه الحد عند من يقول:"إنه يقتل حدا" سواء تاب قبل أداء البينة أو بعد أداء البينة لأن هذه توبة بعد أخذه والقدرة عليه فهو كما لو تاب قاطع الطريق والزاني والسارق