لأن له غرضا في فعل هذه الأشياء مع اعتقاد تحريمها وهو ما يتعجل من اللذة قال: وإذا حكمنا بكفره فإنما نحكم به في ظاهر الحكم فأما في الباطن فإن كان صادقا فيما قال فهو مسلم كما قلنا في الزنديق: لا تقبل توبته في ظاهر الحكم.
وذكر القاضي عن الفقهاء أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم إن كان مستحلا كفر وإن لم يكن مستحلا فسق ولم يكفر كساب الصحابة وهذا نظير ما يحكى أن بعض الفقهاء من أهل العراق أفتى هارون أمير المؤمنين فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلده حتى أنكر ذلك مالك ورد هذه الفتيا مالك وهو نظير ما حكاه أبو محمد ابن حزم أن بعض الناس لم يكفر المستخف به.
وقد ذكر القاضي عياض بعد أن رد هذه الحكاية عن بعض فقهاء العراق والخلاف الذي ذكره ابن حزم بما نقله من الإجماع عن غير واحد وحمل الحكاية على أن أولئك لم يكونوا ممن يوثق بفتواه لميل الهوى به أو أن الفتيا كانت في كلمة اختلف في كونها سبا أو كانت فيمن تاب ذكر أن الساب إذا أقر بالسب ولم يتب منه قتل كفرا لأن قوله إما صريح كفر كالتكذيب ونحوه أو هو من كلمات الاستهزاء أو الذم فاعترافه بها وترك توبته منها دليل على استحلاله لذلك وهو كفر أيضا قال: فهذا كافر بلا خلاف.
وقال في موضع آخر: إن من قتله بلا استتابة فهو لم يره ردة وإنما يوجب القتل فيه حدا وإنما يقول ذلك مع إنكاره ما شهد عليه به أو إظهاره الإقلاع عنه والتوبة ونقتله حدا كالزنديق إذا تاب قال: ونحن وإن أثبتنا له حكم الكافر في القتل فلا نقطع عليه بذلك لإقراره بالتوحيد والنبوة وإنكاره ما شهد به عليه أو زعمه أن ذلك كان منه ذهولا ومعصية وأنه مقلع عن ذلك نادم عليه