عدم التصديق بصفة من صفاته وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به تمردا أو إتباعا لغرض النفس وحقيقته كفر هذا لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون لكنه يكره ذلك ويبغضه ويسخطه لعدم موافقته لمراده ومشتهاه ويقول: أنا لا أقر بذلك ولا ألتزمه وأبغض هذا الحق وأنفر عنه فهذا نوع غير النوع الأول وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع بل عقوبته أشد وفي مثله قيل: "أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه" وهو إبليس ومن سلك سبيله وبهذا يظهر الفرق بين العاصي فإنه يعتقد وجوب ذلك الفعل عليه ويحب أنه يفعله لكن الشهوة والنفرة منعته من الموافقة فقد أتى من الإيمان بالتصديق والخضوع والانقياد وذلك قول وعمل لكن لم يكمل العمل.
وأما إهانة الرجل من يعتقد وجوب كرامته كالوالدين ونحوهما فلأنه لم يهن ما كان الانقياد له والإكرام شرطا في إيمانه وإنما أهان من إكرامه شرط في بره وطاعته وتقواه وجانب الله والرسول إنما كفر فيه لأنه لا يكون مؤمنا حتى يصدق تصديقا يقتضي الخضوع والانقياد فحيث لم يقتضه لم يكن ذلك التصديق إيمانا بل كان وجوده شرا من عدمه فإن من خلق له حياة وإدراك ولم يرزق إلا العذاب كان فقد تلك الحياة والإدراك أحب إليه من حياة ليس فيها إلا الألم وإذا كان التصديق ثمرته صلاح حاله وحصول النعيم له واللذة في الدنيا والآخرة فلم يحصل معه إلا فساد حاله والبؤس والألم في الدنيا والآخرة كان أن لا يوجد أحب إليه من أن يوجد.
وهنا كلام طويل في تفصيل هذه الأمور ومن حكم الكتاب والسنة على