نفسه قولا وفعلا ونور الله قلبه تبين له ضلال كثير من الناس ممن يتكلم برأيه في سعادة النفوس بعد الموت وشقاوتها جريا على منهاج الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسل الله به رسله ونبذوا الكتاب الله وراء ظهورهم وإتباعا لما تتلوه الشياطين.
وأما الشبهة الثانية فجوابها من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن من تكلم بالتكذيب والجحد وسائر أنواع الكفر من غير إكراه على ذلك فإنه يجوز أن يكون مع ذلك في نفس الأمر مؤمنا ومن جوز هذا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
الثاني: أن الذي عليه الجماعة أن من لم يتكلم بالإيمان بلسانه من غير عذر لم ينفعه ما في قلبه من المعرفة وأن القول من القادر عليه شرط في صحة الإيمان حتى اختلفوا في تكفير من قال: "إن المعرفة تنفع من غير عمل الجوارح" وليس هذا موضع تقرير هذا.
وما ذكره القاضي رحمه الله من التأويل لكلام الإمام أحمد فقد ذكر هو وغيره خلاف ذلك في غير موضع وكذلك ما دل عليه كلام القاضي عياض فإن مالكا وسائر الفقهاء من التابعين ومن بعدهم إلا من نسب إلى بدعة قالوا:"الإيمان قول وعمل" وبسط هذا له مكان غير هذا.
الثالث: أن من قال: "إن الإيمان مجرد معرفة القلب من غير احتياج إلى المنطق باللسان" يقول: لا يفتقر الإيمان في نفس الأمر إلى القول الذي يوافقه باللسان لكن لا يقول إن القول الذي ينافي الإيمان لا يبطله فإن القول قولان: قول يوافق تلك المعرفة وقول يخالفها فهب أن القول الموافق لا يشترط لكن القول المخالف ينافيها فمن قال