للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم حينئذ للزبير حقه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قد أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة له وللأنصاري فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم وهذا يقوي أن القصة متقدمة قبل بدر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور أن الأعلى يسقى ثم يحبس حتى يبلغ الماء إلى الكعبين فلو كانت قصة الزبير بعد هذا القضاء لكان قد علم وجه الحكم فيه وهذا القضاء الظاهر أنه متقدم من حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم لأن الحاجة إلى الحكم فيه من حين قدم ولعل قصة الزبير أوجبت هذا القضاء.

وأيضا فإن هؤلاء الآيات قد ذكر غير واحد أن أولها نزل لما أراد بعض المنافقين أن يحاكم يهوديا إلى ابن الأشرف وهذا إنما كان قبل بدر لأن ابن الأشرف ذهب عقب بدر إلى مكة فلما رجع قتل فلم يستقر بعد بدر بالمدينة استقرارا يتحاكم إليه وإن كانت القصة بعد بدر فإن القائل لهذه الكلمة يكون قد تاب واستغفر وقد عفا له النبي صلى الله عليه وسلم عن حقه فغفر له والمضمون لأهل بدر إنما هو المغفرة: إما بأن يستغفروا إن كان الذنب مما لا يغفر إلا بالاستغفار أو لم يكن كذلك وإما بدون أن يستغفروا ألا ترى أن قدامة بن مظعون وكان بدريا تأول في خلافة عمر ما تأول في استحلال الخمر من قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية حتى أجمع رأي عمر وأهل الشورى أن يستتاب هو أصحابه فإن أقروا بالتحريم جلدوا وإن لم يقروا به كفروا ثم إنه تاب وكاد ييأس لعظم ذنبه في نفسه حتى أرسل إليه عمر رضي الله عنه بأول سورة غافر فعلم أن المضمون للبدريين أن خاتمتهم حسنة وأنهم مغفور لهم وإن جاز أن يصدر عنهم قبل ذلك ما عسى أن يصدر فإن التوبة تجب ما قبلها.

<<  <   >  >>