وإذا ثبت أن كل سب تصريحا أو تعريضا موجب للقتل فالذي يجب أن يعتني به الفرق بين السب الذي لا تقبل منه التوبة والكفر الذي تقبل منه التوبة فنقول:
هذا الحكم قد نيط في الكتاب والسنة باسم أذى الله ورسوله وفي بعض الأحاديث ذكر الشتم والسب وكذلك جاء في ألفاظ الصحابة والفقهاء ذكر السب والشتم والاسم إذا لم يكن له حد في اللغة كاسم الأرض والسماء والبر والبحر والشمس والقمر ولا في الشرع كاسم الصلاة والزكاة والحج والإيمان والكفر فإنه يرجع في حده إلى العرف كالقبض والحرز والبيع والرهن والكرى ونحوها فيجب أن يرجع في الأذى والشتم إلى العرف فما عده أهل العرف سبا أو انتقاصا أو عيبا أو طعنا ونحو ذلك فهو من السب وما لم يكن كذلك فهو كفر به فيكون كفرا ليس بسب حكم صاحبه حكم المرتد إن كان مظهرا له وإلا فهو زندقة والمعتبر أن يكون سبا وأذى للنبي عليه الصلاة والسلام وإن لم يكن سبا وأذى لغيره فعلى هذا كل ما لو قيل لغير النبي صلى الله عليه وسلم أوجب تعزيرا أو حدا بوجه من الوجوه فإنه من باب سب النبي صلى الله عليه وسلم كالقذف واللعن وغيرهما من الصورة التي تقدم التنبيه عليها وأما ما يختص بالقدح في النبوة فإن لم يتضمن إلا مجرد عدم التصديق بنبوته فهو كفر محض وإن كان فيه استخفاف واستهانة مع عدم التصديق فهو من السب وهنا مسائل اجتهادية يتردد الفقهاء هل هي من السب أو من الردة المحضة ثم ما ثبت أنه ليس بسب فإن استسر به صاحبه فهو زنديق حكمه حكم الزندقة وإلا فهو مرتد محض واستقصاء الأنواع والفرق بينها ليس هذا موضعه.