للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصل.

فأما الذمي فيجب التفريق بين مجرد كفره به وبين سبه فإن كفره به لا ينقض العهد ولا يبيح دم المعاهد بالاتفاق لأنا صالحناهم على هذا وأما سبه له فإنه ينقض العهد ويوجب القتل كما تقدم.

قال القاضي أبو يعلى: "عقد الأمان يوجب إقرارهم على تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم لا على شتمهم وسبهم له".

وقد تقدم أن هذا الفرق أيضا معتبر في المسلم حيث قتلناه بخصوص السب وكونه موجبا للقتل حدا من الحدود بحيث لا يسقط بالتوبة وإن صحت وأما حيث قتلناه لدلالته على الزندقة أو لمجرد كونه مرتدا فلا فرق حينئذ بين مجرد الكفر وبين ما تضمنه من الأنواع فنقول:

الآثار عن الصحابة والتابعين والفقهاء مثل مالك وأحمد وسائر الفقهاء القائلين بذلك كلها مطلقة في من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو معاهد فإنه يقتل ولم يفصلوا بين شتم وشتم ولا بين أن يكرر الشتم أو لا يكرره أو يظهره أو لا يظهره وأعني بقولي لا يظهره: أن لا يتكلم به في ملأ من المسلمين وإلا فالحد لا يقام عليه حتى يشهد مسلمان أنهما سمعاه يشتمه أو حتى يقر بالشتم وكونه يشتمه بحيث يسمعه المسلمون إظهارا له اللهم إلا أن يفرض أنه شتمه في بيته خاليا فسمعه جيرانه المسلمون أو من استرق السمع منهم.

قال مالك وأحمد: "كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو تنقصه مسلما كان أو كافرا فإنه يقتل ولا يستتاب" فنصا على أن الكافر يجب قتله بتنقصه له كما يقتل بشتمه وكما يقتل المسلم بذلك وكذلك أطلق سائر أصحابنا أن سب النبي صلى الله عليه وسلم من الذمي يوجب القتل.

<<  <   >  >>