أنه لا يجوز مؤاخذتهم بذلك وقد أخبر الله عنهم بقوله تعالى {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} فجعل عذاب الآخرة حسبهم يدل على أنه لم يشرع على ذلك عذابا في الدنيا وهذا لو أنهم قد قرروا على ذلك لقالوا إنما قلنا السلام وإنما السمع يخطئ وأنتم تتقولون علينا فكانوا في هذا مثل المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويعرفون في لحن القول ويعرفون بسيماهم فإنه لا يمكن عقوبتهم باللحن والسيما فإن موجبات العقوبات لا بد أن تكون ظاهرة الظهور الذي يشترك فيه الناس وهذا القدر وإن كان كفرا من المسلم فإنما يكون نقضا للعهد إذا أظهره الذمي وإتيانه به على هذا الوجه غاية ما يكون من الكتمان والإخفاء ونحن لا نعاقبهم على ما يسرونه ويخفونه من السب وغيره وهذا قول جماعات من العلماء من المتقدمين ومن أصحابنا والمالكيين وغيرهم وممن أجاز هذا القول ممن زعم أن هذا دعاء بالسام وهو الموت على أصح القولين أو دعاء بالسامة وأما الذين قالوا إن الموت محتوم على الخليقة قالوا: وهذا تعريض بالأذى لا بالسب وهذا القول ضعيف فإن الدعاء على الرسول والمؤمنين بالموت وترك الدين من أبلغ السب كما أن الدعاء بالحياة والعافية والصحة والثبات على الدين من أبلغ الكرامة.
النوع الثاني: الخبر فكل ما عده الناس شتما أو سبا أو تنقصا فإنه يجب به القتل كما تقدم فإن الكفر ليس مستلزما للسب وقد يكون الرجل كافرا ليس بساب والناس يعلمون علما عاما أن الرجل قد يبغض الرجل ويعتقد فيه العقيدة القبيحة ولا يسبه وقد يضم إلى ذلك مسبة وإن كانت المسبة مطابقة للمعتقد فليس كل ما يحتمل عقدا يحتمل قولا ولا ما يحتمل أن يقال سرا يحتمل أن يقال جهرا والكلمة الواحدة تكون في حال سبا وفي حال ليست بسب فعلم أن هذا يختلف باختلاف الأقوال والأحوال وإذا لم يكن للسب حد