الله أو لا رحمه الله أو لا رضي الله عنه أو قطع الله دابره فهذا وأمثاله سب للأنبياء ولغيرهم وكذلك لو قال عن نبي: لا صلى الله عليه أو لا سلم أو لا رفع الله ذكره أو محا الله اسمه ونحو ذلك من الدعاء عليه بما فيه ضرر عليه في الدنيا أو في الدين أو في الآخرة.
فهذا كله إذا صدر من مسلم أو معاهد فهو سب فأما المسلم فيقتل به بكل حال وأما الذمي فيقتل بذلك إذا أظهره.
فأما إن أظهر الدعاء للنبي وأبطن الدعاء عليه إبطانا يعرف من لحن القول بحيث يفهمه بعض الناس دون البعض مثل قوله: السام عليكم إذا أخرجه مخرج التحية وأظهر أنه يقول السلام ففيه قولان:
أحدهما: أنه من السب الذي يقتل به وإنما كان عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن اليهود الذين حيوه بذلك حال ضعف الإسلام بالبقاء عليه لما كان مأمورا بالعفو عنهم والصبر على أذاهم وهذا قول طائفة من المالكية والشافعية والحنبلية مثل القاضي عبد الوهاب والقاضي أبي يعلي وأبي إسحاق الشيرازي وأبي الوفاء بن عقيل وغيرهم وممن ذهب إلى أن هذا سب من قال قال لم يعلم أن هؤلاء كانوا أهل عهد وهذا قول ساقط لأنا قد بينا فيما تقدم أن اليهود الذين بالمدينة كانوا معاهدين وقال آخرون: كان الحق له وله أن يعفو عنهم فأما بعده فلا عفو.
والقول الثاني: أنه ليس من السب الذي ينتقض العهد لأنهم لم يظهروا السب ولم يجهروا به وإنما أظهروا التحية والسلام لفظا وحالا وحذفوا اللام حذفا خفيا يفطن له بعض السامعين وقد لا يفطن له الأكثرون ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود إذا سلموا فإنما يقول أحدهم: السام عليكم فقولوا: وعليكم" فجعل هذا شرعا باقيا في حياته وبعد موته حتى صارت السنة أن يقال للذمي إذا سلم: وعليكم وكذلك لما سلم عليهم اليهودي قال: "أتدرون ما قال؟ إنما قال: السام عليكم" ولو كان هذا من السب الذي هو سب لوجب أن يشرع عقوبة اليهودي إذا سمع منه ذلك ولو بالجلد فلما لم يشرع ذلك علم