شيء من السب فإنه ما من أحد منهم يظهر شيئا من ذلك إلا ويمكنه أن يقول: إني معتقد لذلك متدين به وإن كان طعنا في النسب كما يتدينون بالقدح في عيسى وأمه عليهما السلام ويقولون على مريم بهتانا عظيما ثم إنهم فيما بينهم قد يختلفون في أشياء من أنواع السب: هل هي صحيحة عندهم أو باطلة؟ وهم قوم بهت ضالون فلا يشاءون أن يأتوا ببهتان ونوع من الضلال الذي لا راد للقلوب منه ثم يقولون "هو معتقدنا" إلا فعلوه فحينئذ لا يقتلون حتى يثبت أنهم لا يعتقدونه دينا وهذا القدر هو محل اختلاف وبعضه لا يعلم إلا من جهتهم وقول بعضهم في بعض غير مقبول ونحن وإن كنا نعرف أكثر عقائدهم فيما تخفي صدورهم أكبر وتجدد الكفر والبدع منهم غير مستنكر فهذا الفرق مفضاة إلى حتم القتل بسب الرسول وهو لعمري قول أهل الرأي ومستندهم ما أبداه هؤلاء وقد قدمنا الجواب عن ذلك وبينا أنا إنما أقررناهم على إخفاء دينهم لا على إظهار باطل قولهم والمجاهرة بالطعن في ديننا وإن كانوا يستحلون ذلك فإن المعاهدة على تركه صيرته حراما في دينهم كالمعاهدة على الكف عن دمائنا وأموالنا وبينا أن المجاهرة بكلمة الكفر في دار الإسلام كالمجاهرة بضرب السيف بل أشد على أن الكفر أعم من السب فقد يكون الرجل كافرا ولا يسب وهذا هو سر المسألة فلا بد من بسطه فنقول:
التكلم في تمثيل سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر صفته ذلك مما يثقل على القلب واللسان ونحن نتعاظم أن نتفوه بذلك ذاكرين لكن الاحتياج إلى الكلام في حكم ذلك نحن نفرض الكلام في أنواع السب مطلقا من غير تعيين والفقيه يأخذ حظه من ذلك فنقول: السب نوعان دعاء وخبر أما الدعاء فمثل أن يقول القائل لغيره: لعنه الله أو قبحه الله أو أخزاه