من الطعن في نسبه ومن الكفر بربه الذي هو أعظم الذنوب ومن سب الله بقوله: إن له صاحبة وولدا وأنه ثالث ثلاثة فإنه لا ضرر يلحق الأمة في دينها بإظهار ما لا يعتقد صحته من السب إلا ويلحقهم بإظهار ما كفر به أعظم من ذلك فإذا أقر على أعظم السببين ضررا فإقراره على أدناهما ضررا أولى نعم بينهما من الفرق أنه إذا طعن في نسبه أو خلقه فإنه يقر لنا بأنه كاذب أو أهل دينه يعتقدون أنه كاذب آثم بخلاف السب الذي يعتقده دينا فإنه وأهل دينه متفقون على أنه ليس بكاذب فيه ولا آثم فيعود الأمر إلى أنه قال كلمة أثم بها عندهم وعندنا لكن في حق من لا حرمة له عنده بل مثاله عنده أن يقذف الرجل مسيلمة أو العنسي أو ينسبه إلى أنه كان أسود أو أنه كان دعيا أو كان يسرق أو كان قومه يستخفون به ونحو ذلك من الوقيعة في عرضه بغير حق ومعلوم أن هذا لا يوجب القتل بل ولا يوجب الجلد أيضا فإن العرض يتبع الدم فمن لم يعصم دمه لم يصن عرضه فلو لم يجب قتل الذمي إذا سب الرسول لكونه قد قدح في ديننا لم يجب قتله بشيء من السب أيضا فإن خطب ذلك يسير.
يبين ذلك أن المسلم إنما قتل إذا سبه بالقذف ونحوه لأن القدح في نسبه قدح في نبوته فإذا كنا بإظهار القدح في النبوة لا نقتل الذمي فأن لا نقتله بإظهار القدح فيما لا يقدح في النبوة أولى إذ الوسائل أضعف من المقاصد.
وهذا البحث إذا حقق اضطر المنازع إلى أحد الأمرين: إما موافقة من قال من أهل الرأي إن العهد لا ينقض من السب وإما موافقة الدهماء في أن العهد ينتقض بكل سب وأما الفرق بين سب وسب في انتقاض العهد واستحلال الدم فمتهافت.
ثم إنه إذا فرق لم يمكنه إيجاب القتل ولا نقض العهد بذلك أصلا ومن ادعى وجوب القتل بذلك وحده لم يمكنه أن يقيم عليه دليلا.
الثالث: أنا إذا لم نقتلهم بإظهار ما يعتقدونه دينا لم يمكنا أن نقتلهم بإظهار