بذلك بحيث يسمعه المسلمون طاعنا في دينهم مكذبا للأمة في تصديقها بالوحدانية والرسالة لا ريب أنه شتم.
فإن قيل: ففي الحديث الصحيح الذي يرويه الرسول عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك فأما شتمه إياي فقوله إني اتخذت ولدا وأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني" فقد قرن بين التكذيب والشتم.
فيقال قوله:"لن يعيدني كما بدأني" يفارق قول اليهودي للمؤذن "كذبت" من وجهين:
أحدهما: أنه لم يصرح بنسبته إلى الكذب ونحن لم نقل: إن كل تكذيب شتم إذ لو قيل ذلك لكان كل كافر شاتما وإنما قيل: إن الإعلان بمقابلة داعي الحق بقوله: "كذبت" سب للأمة وشتم لها في اعتقاد النبوة وهو سب للنبوة كما أن الذين هجوا من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم على إتباعهم إياه كانوا سابين للنبي صلى الله عليه وسلم مثل شعر بنت مروان وشعر كعب بن زهير وغيرهما وأما قول الكافر: "لن يعيدني كما بدأني" فإنه نفي لمضمون خبر الله بمنزلة سائر أنواع الكفر.
الثاني: أن الكافر المكذب بالبعث لا يقول: إن الله أخبر أنه سيعيدني ولا يقول: إن هذا الكلام تكذيب لله وإن كان تكذيبا بخلاف القائل للرسول أو لمن صدق الرسول "كذبت" فإنه مقر بأن هذا طعن على المكذب وعيب له وانتقاص به وهذا ظاهر وكل كلام تقدم ذكره في المسألة الأولى من نظم ونحوه عده النبي صلى الله عليه وسلم سبا حتى رتب على قائله حكم الساب فإنه سب أيضا وكذلك ما كان في معناه وقد تقدم ذكر ذلك والكلام على أعيان الكلمات لا ينحصر وإنما جماع ذلك أن ما يعرف