للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الناس أنه سب فهو سب وقد يختلف ذلك باختلاف الأحوال والاصطلاحات والعادات وكيفية الكلام ونحو ذلك وما اشتبه فيه الأمر ألحق بنظيره وشبهه والله سبحانه أعلم.

فصل.

وكل ما كان من الذمي سبا ينقض عهده ويوجب قتله فإن التوبة توبته منه لا تقبل على ما تقدم هذا هو الذي عليه عامة أهل العلم من أصحابنا وغيرهم.

وقد تقدم عن الشيخ أبي محمد المقدسي رضي الله عنه أنه قال: إن الذمي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم سقط عنه القتل وإنه إذا قذفه ثم أسلم ففي سقوط القتل عنه روايتان وينبغي أن يبنى كلامه على أنه إن سبه بما يعتقده فيه دينا سقط عنه القتل بإسلامه كاللعن والتقبيح ونحوه وإن سبه بما لا يعتقده فيه كالقذف لم يسقط عنه لأن ما يعتقده فيه كفر محض سقط حده بالإسلام باطنا فيجب أن يسقط ظاهرا أيضا لأن سقوط الأصل الذي هو الاعتقاد يستتبع سقوط فروعه وأما ما لا يعتقده فهو فرية يعلم هو أنها فرية فهي بمنزلة سائر حقوق الآدميين وإن حمل الكلام على ظاهره في أنه يستثنى القذف فقط من بين سائر أنواع السب فيمكن أن يوجه بأن قذف غيره لما تغلظ بأن جعل على صاحبه الحد المؤقت وهو ثمانون بخلاف غيره من أنواع السب فإن عقوبته التعزير المفوض إلى اجتهاد ذي السلطان كذلك يفرق في حقه بين القذف وغيره فيجعل على قاذفه الحد مطلقا وهو القتل وإن أسلم ويدرأ عن الساب الحد إذا تاب لكن هذا الفرق ليس بمرضي فإن قذفه إنما أوجب القتل ونقض العهد لما قدح في نسبه وكان ذلك قدحا في نبوته وهذا معنى يستوي فيه السب بالقذف وبغيره من أنواع الأكاذيب بل قد توصف من الأفعال أو الأقوال المنكرة بما يلحق بالموصوف شيئا وغضاضة

<<  <   >  >>