فإن كان مسلما وجب قتله بالإجماع لأنه بذلك كافر مرتد وأسوأ من الكافر فإن الكافر يعظم الرب ويعتقد أن ما هو عليه من الدين الباطل ليس باستهزاء بالله ولا مسبة له.
ثم اختلف أصحابنا وغيرهم في قبول توبته بمعنى أنه هل يستتاب كالمرتد ويسقط عنه القتل إذا أظهر التوبة من ذلك بعد رفعه إلى السلطان وثبوت الحد عليه؟ على قولين:
أحدهما: أنه بمنزلة ساب الرسول فيه الروايتان في ساب الرسول هذه طريقة أبي الخطاب وأكثر من احتذى حذوه من المتأخرين وهو الذي يدل عليه كلام الإمام أحمد حيث قال: كل من ذكر شيئا يعرض بذكر الرب تبارك وتعالى فعليه القتل مسلما كان أو كافرا وهذا مذهب أهل المدينة فأطلق وجوب القتل عليه ولم يذكر استتابته وذكر أنه قول أهل المدينة ومن وجب عليه القتل يسقط بالتوبة وقول أهل المدينة المشهور أنه لا يسقط القتل بتوبته ولو لم يرد هذا لم يخصه بأهل المدينة فإن الناس مجمعون على أن من سب الله تعالى من المسلمين يقتل وإنما اختلفوا في توبته فلما أخذ بقول أهل المدينة في المسلم كما أخذ بقولهم في الذمي علم أنه قصد محل الخلاف بإظهار التوبة بعد القدرة عليه كما ذكرناه في ساب الرسول.
وأما الرواية الثانية فإن عبد الله قال: سئل أبي عن رجل قال: "يا ابن كذا وكذا أنت ومن خلقك" قال أبي: "هذا مرتد عن الإسلام" قلت لأبي: تضرب عنقه؟ قال:"نعم نضرب عنقه" فجعله من المرتدين.