فإنه بعد انقضاء السب لم يستصحبه ولم يستدمه وعقوبة الكافر والمرتد إنما هي الكفر الذي هو مصر عليه مقيم على اعتقاده.
الثاني: أن الكافر إنما يعاقب على اعتقاد هو الآن في قلبه وقوله وعمله دليل على ذلك الاعتقاد حتى لو فرض أنا علمنا أن كلمة الكفر التي قالها خرجت من غير اعتقاد لموجبها لم نكفره بأن يكون جاهلا بمعناها أو مخطئا قد غلط وسبق لسانه إليها مع قصد خلافها ونحو ذلك والساب إنما يعاقب على انتهاكه لحرمة الله واستخفافه بحقه فيقتل وإن علمنا أنه لا يستحسن السب لله ولا يعتقده دينا إذ ليس أحد من البشر يدين بذلك ولا ينتقض هذا أيضا بتارك الصلاة والزكاة ونحوهما فإنهم إنما يعاقبون على دوام الترك لهذه الفرائض فإذا فعلوها زال الترك وإن شئت أن تقول: إن الكافر والمرتد وتاركي الفرائض يعاقبون على عدم فعل الإيمان والفرائض أعني على دوام هذا العدم فإذا وجد الإيمان والفرائض امتنعت العقوبة لانقطاع العدم وهؤلاء يعاقبون على وجود الأقوال والأفعال الكبيرة لا على دوام وجودها فإذا وجدت مرة لم يرتفع ذلك بالترك بعد ذلك.
وبالجملة فهذا القول له توجه وقوة وقد تقدم أن الردة نوعان: مجردة ومغلظة وبسطنا هذا القول فيما تقدم في المسألة الثالثة ولا خلاف في قبول التوبة فيما بينه وبين الله سبحانه وسقوط الإثم بالتوبة النصوح.
ومن الناس من سلك في ساب الله تعالى مسلكا آخر وهو أنه جعله من باب الزنديق كأحد المسلكين اللذين ذكرناهما في ساب الرسول لأن وجود السب منه مع إظهاره للإسلام دليل على خبث سريرته لكن هذا ضعيف فإن الكلام هنا إنما هو في سب لا يتدين به فإن السب الذي