الإيمان ينقض الذمة ويحكى ذلك عن طائفة من المالكية ووجه ذلك أنا عاهدناهم على أن لا يظهروا شيئا من الكفر وإن كانوا يعتقدونه فمتى أظهروا مثل ذلك فقد آذوا الله ورسوله والمؤمنين بذلك وخالفوا العهد فينتقض العهد بذلك كسب النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم عن عمر رضي الله عنه أنه قال للنصراني الذي كذب بالقدر: لئن عدت إلى مثل ذلك لأضربن عنقك وقد تقدم ما تقرر ذلك.
والمنصوص عن مالك أن من شتم الله من اليهود والنصارى بغير الوجه الذي كفروا به قتل ولم يستتب قال ابن القاسم: إلا أن يسلم تطوعا فلم يجعل ما يتدين به الذمي سبا وهذا قول عامة المالكية وهو مذهب الشافعي ذكره أصحابه وهو منصوصه قال في "الأم" في تحديد الإمام ما يأخذه من أهل الذمة وعلى أن لا يذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما هو أهله ولا يطعنوا في دين الإسلام ولا يعيبوا من حكمه شيئا فإن فعلوه فلا ذمة لهم ويأخذ عليهم أن لا يسمعوا المسلمين شركهم وقولهم في عزير وعيسى فإن وجودهم فعلوا بعد التقدم في عزير وعيسى إليهم عاقبهم على ذلك عقوبة لا يبلغ بها حدا لأنهم قد أذن لهم بإقرارهم على دينهم مع علم ما يقولون وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد لأنه سئل عن يهودي مر بمؤذن فقال له: "كذبت" فقال: يقتل لأنه شتم فعلل قتله بأنه شتم فعلم أن ما يظهره به من دينه الذي ليس بشتم ليس كذلك قال رضي الله عنه: من ذكر شيئا يعرض بذكر الرب تعالى فعليه القتل مسلما كان أو كان كافرا وهذا مذهب أهل المدينة وإنما مذهب أهل المدينة فيما هو سب عند القائل وذلك أن هذا القسم ليس من باب السب والشتم الذي يلحق بسب الله وسب النبي صلى الله عليه وسلم لأن الكافر لا يقول هذا طعنا ولا عيبا وإنما يعتقده تعظيما وإجلالا وليس هو ولا أحد من الخلق يتدين بسب الله تعالى بخلاف ما يقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم