من السوء فإنه لا يقال إلا طعنا وعيبا وذلك أن الكافر يتدين بكثير من تعظيم الله وليس يتدين بشيء من تعظيم الرسول ألا ترى أنه إذا قال:"محمد عليه الصلاة والسلام ساحر أو شاعر" فهو يقول: إن هذا نقص وعيب وإذا قال: "إن المسيح أو عزيرا ابن الله" فليس يقول: إن هذا نقص وعيب وإن كان هذا عيبا ونقصا في الحقيقة وفرق بين قول يقصد به قائله العيب والنقص وقول لا يقصد به ذلك ولا يجوز أن يجعل قولهم في الله كقولهم في الرسول بحيث يجعل الجميع نقضا للعهد إذ يفرق في الجميع بين ما يعتقدونه وبين ما لا يعتقدونه لأن قولهم في الرسول كله طعن في الدين وغضاضة على الإسلام وإظهار لعداوة المسلمين يقصدون به عيب الرسول ونقصه وليس مجرد قولهم الذي يعتقدونه في الله مما يقصدون به عيب الله ونقصه ألا ترى أن قريشا كانت تقار النبي صلى الله عليه وسلم على ما كان يقوله من التوحيد وعبادة الله وحده ولا يقارونه على عيب آلهتهم والطعن في دينهم وذم آبائهم وقد نهى الله المسلمين أن يسبوا الأوثان لئلا يسب المشركون الله مع كونهم لم يزالوا على الشرك فعلم أن محذور سب الله أغلظ من محذور الكفر به فلا يجعل حكمهما واحدا.
المسألة الثانية.
في استتابة الذمي من هذا وقبل توبته.
أما القاضي وجمهور أصحابه مثل الشريف وابن والبناء وابن عقيل ومن تبعهم فإنهم يقبلون توبته ويسقطون عنه القتل بها وهذا ظاهر على أصلهم فإنهم يقبلون توبة المسلم إذا سب الله فتوبة الذمي أولى وهذا هو المعروف من مذهب الشافعي وعليه يدل عموم كلامه حيث قال في شروط أهل الذمة: وعلى أن أحدا منكم إن ذكر محمدا صلى الله عليه وسلم أو كتاب الله