ودينه بما لا ينبغي فقد برئت منه ذمة الله ثم قال: وأيهم قال أو فعل شيئا مما وصفته نقضا للعهد وأسلم لم يقتل إذا كان قولا إلا أنه لم يصرح بالسب لله فقد يكون عنى إذا ذكروا ما يعتقدونه وكذلك قال ابن القاسم وغيره من المالكية: إنه يقتل إلا أن يسلم وقال ابن مسلمة وابن أبي حازم والمخزومي: إنه لا يقتل حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل والمنصوص عن مالك أنه يقتل ولا يستتاب كما تقدم وهذا معنى قول أحمد رضي الله عنه في إحدى الروايتين.
قال في رواية حنبل: من ذكر شيئا يعرض بذكر الرب فعليه القتل مسلما كان أو كافرا وهذا مذهب أهل المدينة وظاهر هذه العبارة أن القتل لا يسقط عنه بالتوبة كما لا يسقط القتل عن المسلم بالتوبة فإنه قال مثل هذه العبارة في شتم النبي صلى الله عليه وسلم في رواية حنبل أيضا قال: "كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم مسلما كان أو كافرا فعليه القتل" وكان حنبل يعرض عليه مسائل المدنيين ويسأله عنها.
ثم إن أصحابنا فسروا قوله في شاتم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يسقط عنه القتل بالتوبة مطلقا وقد تقدم توجيه ذلك وهذا مثله وهذا ظاهر إذا قلنا إن المسلم الذي يسب الله لا يسقط عنه القتل بالتوبة لأن المأخذ عندنا ليس هو الزندقة فإنه لو أظهر كفرا غير السب استتبناه وإنما المأخذ أن يقتل عقوبة على ذلك وحدا عليه مع كونه كافرا كما يقتل لسائر الأفعال.
ويظهر الحكم في المسألة بأن يرتب هذا السب ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أن من شان الرب بما يتدين به وليس فيه سب لدين الإسلام إلا أنه سب عند الله تعالى مثل قول النصارى في عيسى ونحو ذلك فقد قال الله تعالى فيما يرويه عنه رسوله: "شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك" ثم قال: "وأما شتمه إياي فقوله إني اتخذت ولدا وأنا الأحد الصمد