وكان الذهبي معروفاً في حياته بمواقفه الصلبة من العقائد المنحرفة وأهلها، كما اشتهر عنه صلته الوثيقة وموافقته لشيخ الإسلام ابن تيمية في نصرة السنة ومحاربة البدعة، الأمر الذي جعل الأشاعرة من الشافعية بدمشق يمانعون في توليه لمشيخة أكبر دار للحديث بدمشق حينذاك، وهي دار الحديث الأشرفية، التي شغرت مشيختها بعد وفاة رفيقه المزي سنة (٧٤٢هـ) ، رغم ترشيح قاضي القضاة علي بن عبد الكافي السبكي أن يعين الذهبي لها، وكان السبب في رفضهم كون الذهبي ليس بأشعري١.
ومعلوم أن الصراع كان على أشده في ذلك الحين بدمشق بين أنصار المنهج السلفي وخصومهم من أهل الكلام والمتصوفة.
والكتاب الذي بين أيدينا يعطي صورة واضحة للمنهج الذي سار عليه الذهبي، فقد تبع طريقة أهل الحديث في تقرير المسائل والاستدلال عليها، فذكر معتقد أهل السنة في مسألة العلو واستدل لقولهم بنصوص الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن سلك سبيلهم وسار على نهجهم، ناصراً بذلك قولهم وراداً على من خالفهم، كما سيأتي تفصيله. فرحم الله الذهبي وجزاه عن السنة وأهلها خير الجزاء. ولكن مع ذلك كله فاللذهبي بعض المواقف المخالفة في