يبحث الكتاب في مسألة عظيمة وخطيرة من مسائل الصفات، دار فيها جدل كبير وعميق، واختلفت حولها الآراء، وتشعبت فيها المذاهب، وزلت فيها أقدام كثير من الناس قديماً وحديثاً، واستمر الخلاف والتنازع فيها من بداية القرن الثاني حتى وقتنا الحاضر.
وقد نتج عن هذا الخلاف نشوء فرق مستقلة بذاتها من جراء ما ذهب إليه البعض من أقوال في المسألة.
فمسألة علو الله من أهم مسائل الصفات وأكبرها لتعلقها الوثيق بمسألة الإيمان بوجود الله تعالى، فمن أقر بعلو الله أقر بوجوده حقيقة. ومن أنكر علو الله، فهو بين أحد أحوال ثلاثة:
الحال الأول: إنكار وجوده حقيقة والقول بأن وجوده مجرد خيال في الذهن.
الحال الثاني: القول باتحاده بالخلق وأن عين وجود الخالق هو عين وجود المخلوق، كما هو قول الاتحادية.
الحال الثالث: القول بالحلول أي أنه حال في كل شيء وأنه بذاته في كل مكان.
وهذه الأقوال باطلة حاصلها إنكار وجود الله حقيقة وأنه والعدم سواء.