كان المسلم حرا أو عبدا أو امرأة إذا كان بالغا عاقلا جاز أمانه وقد قيل: أمان المرأة غير جائز إلا أن يجيزه الإمام وهذا مما انفرد به عبد الملك والأول قول مالك وجمهور أهل العلم وقد أوضحنا وجهه في كتاب التمهيد ولا يجوز أمان غير المسلم.
ومن قتل كافرا بعد الأمان لزمته ديته إن كان القاتل مسلما وإن كان كافرا قتل به إذا تعمد قتله.
ومن طلب من الحربيين الأمان على أن يكون ذميا يؤدي الجزية قبل ذلك منه وكل رسول طلب الأمان أعطيه وكذلك كل مستجير جاء ليسمع كلام الله أمن حتى يعلم ما عنده ويرد إلى مأمنه وإذا اضطر الإمام إلى مهادنة الكفار الحربيين هادنهم إذا رأى ذلك نظرا مثل أن يحاصر حصنا فيكون الأغلب عليه الامتناع منه وتعذر أخذه ولم يطق الإقامة عليه وسألوا أن يعطوه شيئا وينصرف عنهم فذلك جائز لأنه قد نال به من عدوه نيلا لا يطمع في أكثر منه وإذا كان على غير هذا فلا يقبل منه إلا الجزية عن يد صاغرا فيكونون ذمة أو القتال وأما مع ظهور حالهم وعز سلطانهم فلا يجوز إلا مع العجز عنهم وإذا خاف الإمام إن اشتغل بقتال ناحية أن يغلب على أخرى جاز له مهادنتها والله أعلم ويستحب ألا تكون مدة المهادنة أكثر من أربعة أشهر إلا مع العجز