اللَّهِ مَا تَرَى، فَإِلَى مِنْ تُوصي بِي؟ وَبِمَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، وَاَللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ، إلَّا رَجُلًا بنَصِيبين، وَهُوَ فُلَانٌ فَالْحَقْ بِهِ.
سلمان يلحق بأسقف نصيبين: فَلَمَّا مَاتَ وغُيب لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نَصِيبِينَ، فَأَخْبَرْتُهُ خبري، وما أمرني به صاحباي، فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِيهِ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ، فَوَاَللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ. فَلَمَّا حُضر، قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ! إنَّ فُلَانًا كَانَ أَوْصَى بِي إلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصي بِي؟ وَبِمَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، وَاَللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقيَ أحدٌ عَلَى أمرِنا آمُرُكَ أَنْ تأتيَه إلَّا رَجُلًا بعَمّورِية مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَإِنَّهُ عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أحببت فأته، فإنه على أمرنا.
سلمان يلحق بصاحب عمورية: فَلَمَّا مَاتَ وغُيِّب لحقتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِية، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ عِنْدَ خَيْرِ رَجُلٍ، عَلَى هَدْي أَصْحَابِهِ وأمرِهم، قَالَ: واكتسبتُ حتى كان لِي بَقَرَاتٌ وغُنَيْمة. قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أمرُ الله، فَلَمَّا حُضِر، قُلْتُ لَهُ: يَا فلانُ، إنِّي كُنْتُ مَعَ فُلَانٍ، فَأَوْصَى بِي إلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصي بِي؟ وَبِمَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، وَاَللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ الْيَوْمَ أَحَدٌ عَلَى مِثل مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ بِهِ أَنْ تأتيَه، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّ زمانُ نبيٍّ، وَهُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، مُهَاجَرُه إلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْن، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ بِهِ عَلَامَاتٌ لَا تَخْفَى، يَأْكُلُ الهديةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصدقةَ، وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ استطعتَ أَنْ تلحقَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ فافعلْ.
سلمان يذهب إلى وادي القرى: قَالَ: ثُمَّ مَاتَ وغُيِّب، وَمَكَثْتُ بَعَمُّورِية مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلب تُجَّارٌ، فقلتُ لَهُمْ: احْمِلُونِي إلَى أَرْضِ العربِ، وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وغُنَيْمتي هَذِهِ، قَالُوا: نَعَمْ فأعطَيْتُهُموها، وَحَمَلُونِي مَعَهُمْ، حَتَّى إذَا بَلَغُوا وَادِيَ الْقُرَى ظَلَمُونِي، فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ عَبْدًا، فَكُنْتُ عِنْدَهُ، وَرَأَيْتُ النخلَ، فرجوْتُ أَنْ يَكُونَ البلدَ الَّذِي وَصف لِي صاحبي، ولم يحق في نفسي.
سلمان يذهب إلى المدينة: فَبَيْنَا أَنَا عندَه، إذْ قَدِمَ عَلَيْهِ ابنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ بَنِي قُرَيْظة مِنْ الْمَدِينَةِ، فابتاعني منه، فاحتملني إلى المدينة، والله مَا هُوَ إلَّا أَنْ رأيتُها، فَعَرَفْتهَا بصفةِ صاحبي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute