للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله عنهما، قال: لَقَدْ رأيتُ زيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل شَيْخًا كَبِيرًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا معشرَ قُرَيْشٍ، وَاَلَّذِي نَفْسُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو بِيَدِهِ: مَا أَصْبَحَ مِنْكُمْ أَحَدٌ عَلَى دِينِ إبْرَاهِيمَ غَيْرِي، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أيَّ الْوُجُوهِ أَحَبُّ إلَيْكَ عبدتُك بِهِ، وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُهُ، ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى رَاحَتِهِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وحُدثت أَنَّ ابْنَهُ سَعِيدَ بْنَ زيْد بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ، قَالَا لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَسْتَغْفِرُ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرٍو؟ قَالَ: "نَعَمْ، فَإِنَّهُ يُبْعث أُمَّةً وحدَه".

شِعْرُ زَيْدٍ فِي فِرَاقِ الوثنية: وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي فِرَاقِ دِينِ قَوْمِهِ وَمَا كَانَ لَقِيَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ:

أرَبًّا وَاحِدًا، أَمْ ألفَ رَبٍّ ... أدِينُ إذَا تُقُسمت الأمورُ

عَزَلْتُ اللاتَ والعُزَّى جميعًا ... كذلك يفعلُ الجَلْدُ الصبورُ١


١ ذكرت اللات فيما تقدم أما العزى، فكانت نخلات مجتمعة، وكان عمرو بن لحي قد أخبرهم -فيما ذكر- أن الرب يُشَتي بالطائف عند اللات، ويُصَيِّف بالعزى، فعظموها وبنوا لها بيتًا، وكانوا يهدون إليه كما يهدون إلى الكعبة، وهي التي بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد ليكسرها، فقال له سادنُها: يا خالد احذرها؛ فإنها تجذع وتكنع -تشل- فهدمها خالد وترك منها جذمها -أصلها- وأساسها، فقال قيمها: والله لتعودن ولتنتقمن فمن فعل بها هذا، فذُكر -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- إنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- قال لخالد: "هل رأيت فيها شيئًا؟ " فقال: لا، فأمره أن يرجع، ويستأصل بقيتها بالهدم، فرجع خالد، فأخرج أساسها فوجد فيها امرأة سوداء منتفشة الشعر تخدش وجهها، فقتلها، وهرب القيم، وهو يقول: لا تُعبد العُزى بعد اليوم. هذا معنى ما ذكر أبو سعيد النيسابوري في المبعث. وذكره الأزرقي أيضًا ورزين.

<<  <  ج: ص:  >  >>