للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعِينَ سَنَةً بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى١ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَكَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا، وَكَانَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَخَذَ الميثاقَ عَلَى كلِّ نَبِيٍّ بَعَثَهُ قبلَه بالإِيمان بِهِ، وَالتَّصْدِيقِ لَهُ، وَالنَّصْرِ لَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ يؤدُّوا ذَلِكَ إلَى كلِّ مَنْ آمَنْ بِهِمْ وَصَدَّقَهُمْ، فَأَدَّوْا مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ مِنْ الحقِّ فِيهِ. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ -صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: ٨١] . أَيْ ثِقَلَ مَا حَمَّلْتُكُمْ مِنْ عَهْدِي: {قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٨١] ، فَأَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ جَمِيعًا بِالتَّصْدِيقِ لَهُ، وَالنَّصْرِ لَهُ مِمَّنْ خَالَفَهُ، وَأَدَّوْا ذَلِكَ إلَى مَنْ آمَنْ بِهِمْ، وَصَدَّقَهُمْ مِنْ أَهْلِ هَذَيْنِ الكتابين.

الرؤيا الصادقة أَوَّلَ مَا بُدئ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَذُكِرَ الزهريُّ عَنْ عُروة بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ: أَنَّ أولَ مَا بُدئ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ النُّبُوَّةِ، حِينَ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ وَرَحْمَةَ الْعِبَادِ بِهِ: الرُّؤْيَا الصادقةُ، لَا يَرَى رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُؤْيَا فِي نومِه إلَّا جَاءَتْ كَفَلَقِ الصُّبْحِ قالتْ: وَحَبَّبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ الْخَلْوَةَ، فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يخلوَ وحدَه.

سلام الحجر وَالشَّجَرِ عَلَيْهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُبَيْد الله


١ ذكر ابن إسحاق أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بُعث على رأس أربعين من مولده عليه السلام، وهذا مروي عن ابن عباس، وجُبَيْر بن مطعم وقباث بن أشيم، وعطاء وسعيد بن المسيب، وأنس بن مالك وهو صحيح عند أهل السِّيَر والعلم بالأثر. وقد روي أنه نبئ لأربعين وشهرين من مولده، وقيل لقباث بن أشيم: من أكبر، أنتَ أم رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: رسول الله أكبر مني، وأنا أسَنُّ منه، وولد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفيل، ووقفت بي أمي على رَوْثِ الفيل، ويروى: خَزْقِ الطير، فرأيته أخضر مُحِيلًا، أي قد أتى عليه حَول، وفي غير رواية البكائي من هذا الكتاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: "لا يفتك صيام يوم الاثنين؛ فإني قد ولدت فيه، وبعثت فيه، وأموت فيه". "الروض الأنف، بتحقيقنا، ج١ ص٢٦٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>