للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ١.

إسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمَّا قَدم عَمْرُو بنُ الْعَاصِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عَلَى قُرَيْشٍ، وَلَمْ يُدْرِكُوا مَا طَلَبُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورَدَّهما النَّجَاشِيُّ بِمَا يَكْرَهُونَ، وَأَسْلَمَ عُمر بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ رَجُلًا ذَا شَكِيمَةٍ لَا يُرام مَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ، امْتَنَعَ بِهِ أصحابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِحَمْزَةِ حَتَّى عازُّوا٢ قُرَيْشًا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا كُنَّا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نصليَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، حَتَّى أَسْلَمَ عمرُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَاتَلَ قُرَيْشًا حَتَّى صَلَّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وإن كان إسْلَامُ عُمَرَ بَعْدَ خُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مِنْ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلَى الْحَبَشَةِ.

قَالَ الْبُكَائِيُّ: قَالَ: حَدَّثَنِي مِسْعر بْنُ كِدَام، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ إسْلَامَ عُمَرَ كَانَ فَتْحًا، وَإِنَّ هِجْرَتَهُ كَانَتْ نَصْرًا، وَإِنَّ إمَارَتَهُ كَانَتْ رَحْمَةً، وَلَقَدْ كُنَّا مَا نُصلي عِنْدَ الْكَعْبَةِ حَتَّى أَسْلَمَ عمرُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَاتَلَ قُرَيْشًا حَتَّى صَلَّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وصلينا معه.

حديث أم عبد الله بنت أبي حَثمَة عَنْ إسْلَامِ عُمَرَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أمِّه أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ أَبِي حَثْمَة، قَالَتْ:

وَاَللَّهِ إنَّا لَنَتَرَحَّلُ إلَى أرضِ الْحَبَشَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ عَامِرٌ فِي بَعْضِ حَاجَاتِنَا، إذْ أَقْبَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى وَقَفَ عليَّ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ -قَالَتْ: وَكُنَّا نَلْقَى مِنْهُ الْبَلَاءَ أَذًى لَنَا وَشِدَّةً عَلَيْنَا- قَالَتْ: فَقَالَ: إنَّهُ لَلِانْطِلَاقُ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: نَعَمْ وَاَللَّهِ، لَنَخْرُجَنَّ فِي أرض الله،


١ وكان موت النجاشي في رجب من سنة تسع، ونعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس في اليوم الذي مات فيه، وصلى عليه بالبقيع، رُفع إليه سريره بأرض الحبشة حتى رآه، وهو بالمدينة فصلى عليه.
٢ عازوا: غلبوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>