للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ. وَدَخَلَ أَرْيَاطُ الْيَمَنَ، فملكها١.

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ -وَهُوَ يَذْكُرُ مَا سَاقَ إلَيْهِمْ دَوْسٌ مِنْ أَمْرِ الْحَبَشَةِ:

"لَا كَدَوْس وَلَا كأعلاقَ رَحْله"٢.

فَهِيَ مَثَلٌ باليمن إلى هذا اليوم.

قول ذي جدن الحميري في هذه القصة: وَقَالَ ذُو جَدَنٍ الْحِمْيَرِيُّ:

هونكِ٣ لَيْسَ يردُّ الدمعَ مَا فَاتَا ... لَا تَهْلِكِي أَسَفًا فِي إثْر مَنْ ماتَا

أبعدَ بَيْنون لَا عَيْنٌ وَلَا أثرٌ ... وبعدَ سَلْحِين يَبْنِي الناسُ أبياتَا؟!

بَيْنُونُ وَسِلْحِينُ وَغُمْدَانُ: مِنْ حُصُونِ الْيَمَنِ الَّتِي هَدَمَهَا أَرْيَاطُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي النَّاسِ مثلُها. وَقَالَ ذُو جَدَنٍ أَيْضًا:

دَعِينِي-لَا أَبَا لكِ -لَنْ تُطِيقِي٤ ... لحاكِ اللَّهِ! قَدْ أنزفْتِ رِيقِي٥

لَدَى عَزفِ القيانِ إذْ انْتَشَيْنَا ... وإذْ نُسقى من الخمرِ الرحيق٦


١ هذا ما ذكره ابن إسحاق وهناك رواية أخرى: أن ذا نواس أدخل الحبشة: صنعاء اليمن، حين رأى أن لا قبل له بهم، بعد أن استنفر جميع المقاول ليكونوا معه يدا واحدة عليهم فأبو إلا أن يحمي كل واحد منهم حوزته على حدته، فخرج إليهم ومعه مفاتيح خزانته وأمواله على أن يسالموه ومن معه، فكتبوا إلى النجاشي بذلك فقبل، ثم كتب ذو النواس إلى كل موضع ببلاده أن اقتلوا كل ثور أسود فقتل أكثر الحبشة فوجه النجاشي جيشًا إلى أبرهة وعليهم أرياط وأمره أن يقتل ذا نواس، ويخرب ثلث بلاده ويسبي ثلث النساء والذرية ففعل ذلك أبرهة.
٢ الأعلاق: النفائس.
٣ هونك: ترفقى، وقد روى عن ابن إسحاق من غير رواية ابن هشام: هونكما لن يرد. وهو من باب قول العرب للواحد: افعلا.
٤ أي لن تطبقى صرفي بالعدل عن شأني.
٥ أي أيبست ريقى في فمى، وقلة الريق من الحصر، وكثرته من قوة النفس وثبات الجأش.
٦ الرحيق: الخالص.

<<  <  ج: ص:  >  >>