للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: يَبْكِي المطْعِم بْنَ عَدِيٍّ حِينَ مَاتَ، وَيَذْكُرُ قِيَامَهُ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ:

أَيَا عينُ فَابْكِي سيدَ القومِ وَاسْفَحِي ... بدمعٍ وَإِنْ أنزَفْتِه فَاسْكُبِي الدمَا

وبكِّي عظيمَ المُشعرين كليْهما ... عَلَى النَّاسِ مَعْرُوفًا لَهُ مَا تَكَلَّمَا

فَلَوْ كَانَ مجدٌ يُخلد الدهرَ وَاحِدًا ... مِنْ الناسِ، أَبْقَى مجدُه اليومَ مُطْعِمَا

أجرتَ رسولَ الله منهم فأصبحوا ... عبيدَك ما لي مُهلّ وأحْرَمَا

فَلَوْ سُئلتْ عَنْهُ مَعَدٌّ بأسرِها ... وقحطانُ أَوْ بَاقِي بقيةِ جُرْهُمَا

لَقَالُوا هُوَ الموفِي بخُفْرَةِ جَارِهِ ... وذمتُه يَوْمًا إذَا مَا تذمَّما١

فَمَا تطلعُ الشمسُ المنيرةُ فوقَهم ... عَلَى مثلِه فِيهِمْ أعَزَّ وأعظمَا

وآبَى إذَا يَأْبَى وألْينَ شِيمَةً ... وأنومَ عَنْ جَارٍ إذَا الليلُ أَظْلَمَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ "كِلَيْهِمَا" عَنْ غير ابن إسحاق.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: "أجرْت رَسُولَ اللَّهِ مِنْهُمْ"، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْصَرَفَ عَنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، وَلَمْ يُجِيبُوهُ إلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ، مِنْ تَصْدِيقِهِ وَنُصْرَتِهِ، صَارَ إلَى حِرَاءٍ، ثُمَّ بَعَثَ إلَى الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ لِيُجِيرَهُ، فَقَالَ: أَنَا حَلِيفٌ، وَالْحَلِيفُ لَا يُجِيرُ. فَبَعَثَ إلَى سُهيل بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: إنَّ بَنِي عَامِرٍ لَا تُجِيرُ عَلَى بَنِي كَعْبٍ. فَبَعَثَ إلَى المطْعِم بْنِ عَدِيٍّ فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَسَلَّحَ الْمُطْعِمُ وأهلُ بَيْتِهِ، وَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَسْجِدَ، ثُمَّ بَعَثَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اُدْخُلْ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى عِنْدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ. فَذَلِكَ الَّذِي يعني حسان بن ثابت.

قال ابن إسحاق: وقال حسانُ بن ثابت أَيْضًا: يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو لِقِيَامِهِ فِي الصَّحِيفَةِ:

هَلْ يُوفينَّ بَنُو أميةَ ذِمَّةً ... عَقْدًا كَمَا أوْفَى جِوارُ هِشَامِ

مِنْ مَعْشَرٍ لَا يَغْدِرون بجارِهم ... للحارث بن حُبَيِّب بن سُحَام

وَإِذَا بَنُو حِسْلٍ أَجَارُوا ذِمَّةً ... أوفَوْا وأدَّوْا جارَهم بسلاَمَ

وكان هشام أحد سُحام.

قال ابن هشام: ويقال: سخام.


الخفرة: العهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>