للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِمَّا يَأْتِي بَهْ إلَّا جَبْرٌ النَّصْرَانِيُّ، غُلَامُ بَنِي الحَضْرمي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} . [النحل: ١٠٣] .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُلحِدون إلَيْهِ: يَمِيلُونَ إلَيْهِ. وَالْإِلْحَادُ: الْمَيْلُ عَنْ الْحَقِّ.

قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ العَجَّاج:

إذَا تَبع الضحاكَ كُلُّ مُلْحِدِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَعْنِي الضَّحَّاكَ الْخَارِجِيَّ، وَهَذَا الْبَيْتُ في أرجوزة له.

سبب نزول سُورَةِ الْكَوْثَرِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمي فِيمَا بَلَغَنِي إذَا ذُكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: دَعُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِب لَهُ لَوْ مَاتَ لَانْقَطَعَ ذكرُه وَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الْكَوْثَرَ: ١] مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الدُّنْيَا وما فيها والكوثر: العظيم.

معنى الكوثر: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ لَبيد بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيُّ:

وصاحبُ مَلْحوبٍ فُجعنا بيومِه

وعندَ الرداعِ بيتُ آخِرَ كَوْثَرِ

يَقُولُ: عَظِيمٌ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وصاحبُ ملحوبٍ: عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، مَاتَ بِمَلْحُوبِ. وَقَوْلُهُ: "وَعِنْدَ الرِّدَاعِ بَيْتُ آخِرَ كَوْثَرِ": يَعْنِي شُرَيح بْنَ الأحْوص بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، مَاتَ بِالرِّدَاعِ. وَكَوْثَرٌ: أَرَادَ: الْكَثِيرَ. وَلَفْظُهُ مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الْكَثِيرِ. قَالَ الكُميت بْنُ زَيْدٍ يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الملك بن مروان:

وأنت كثير يابنَ مَرْوَانَ طَيِّبٌ

وَكَانَ أَبُوكَ ابنَ الْعَقَائِلِ كوْثرا

<<  <  ج: ص:  >  >>