وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عَائِذٍ الهُذلي يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
يُحامي الحَقيقَ إذَا مَا احتدَمْن ... وحَمْحَمْنَ فِي كَوْثَرٍ كالجِلال١
يَعْنِي بِالْكَوْثَرِ: الْغُبَارَ الْكَثِيرَ، شَبَّهَهُ لِكَثْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْجِلَالِ. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ له.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضمْري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ: "نَهْرٌ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إلَى أيْلة، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، تَرِدُهُ طُيُورٌ لَهَا أَعْنَاقٌ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ". قَالَ: يَقُولُ عمرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إنَّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَنَاعِمَةٌ، قَالَ: آكلُها أَنْعَمُ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ سَمِعْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ أَبَدًا.
نُزُولُ: {وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} [الأنعام: ٨] .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قومَه إلَى الإِسلام، وَكَلَّمَهُمْ فأبلغ إليهم، فقال زَمَعَة بْنُ الْأَسْوَدِ، والنضْر بْنُ الْحَارِثِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغوث، وأبيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ: لَوْ جُعل مَعَكَ يَا مُحَمَّدُ مَلَك يُحَدِّثُ عَنْكَ النَّاسَ ويُرَى مَعَكَ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: {وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٨، ٩] .
نزول: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنِي بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَبِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، فَهَمَزُوهُ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ، فَغَاظَهُ ذَلِكَ. فَأَنْزَلَ الله تعالى
١ الحقيق: ما يجب أن يحميه الإنسان ويريد هنا حماية أتنه، والاحتدام سرعة الجري. والجلال: ما تلبسه الدواب لحمايتها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute