للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِيَقُومَ فَأَبَى، فَأَدْخَلُوا محاجَن١ لَهُمْ فِي مَرَاقِّه٢ فَبَزَغُوهُ٣ بِهَا لِيَقُومَ فَأَبَى، فَوَجَّهُوهُ رَاجِعًا إلَى الْيَمَنِ فَقَامَ يُهَرْوِلُ، وَوَجَّهُوهُ إلَى الشَّامِ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَوَجَّهُوهُ إلَى الْمَشْرِقِ فَفَعَلَ مِثْلَ ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك.

عقاب الله لأبرهة وجنده: فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ طَيْرًا مِنْ الْبَحْرِ أَمْثَالَ الْخَطَاطِيفِ والبَلَسان٤: مَعَ كُلِّ طَائِرٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يَحْمِلُهَا: حَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ، وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، أَمْثَالُ الْحِمَّصِ والعَدَس٥ لَا تُصِيبُ مِنْهُمْ أَحَدًا إلَّا هَلَكَ، -وَلَيْسَ كُلُّهُمْ أَصَابَتْ- وَخَرَجُوا هَارِبِينَ يَبْتَدِرُونَ الطَّرِيقَ الَّذِي مِنْهُ جَاءُوا، وَيَسْأَلُونَ عَنْ نُفَيْل بْنِ حَبيب، لِيَدُلّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ إلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ نُفَيل حِينَ رَأَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِمْ مِنْ نِقْمَتِهِ:

أَيْنَ المفرُّ والِإلهُ الطالبُ

والأشرمُ المغلوبُ لَيْسَ الْغَالِبُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ: "لَيْسَ الْغَالِبُ" عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ نُفَيْلٌ أَيْضًا:

أَلَا حُيِّيتِ عَنَّا يَا رُدَيْنَا ... نعمناكم مع الِإصباحِ عينَا٦

رُدَيْنةُ لو رأيتِ -ولا ترَيْه ... لذي جَنْب المُحصَّبِ مَا رَأَيْنَا

إذًا لعذرتِني وحمدْتِ أَمْرِي ... وَلَمْ تأسَيْ عَلَى مَا فَاتَ بَيْنا

حَمِدْت اللَّهَ إذْ أبصرتُ طَيْرًا ... وخِفْتُ حِجَارَةً تُلْقَى عَلَيْنَا

وَكُلُّ الْقَوْمِ يَسْأَلُ عَنْ نُفَيل ... كأن عَلَيّ للحُبْشانِ دَيْنَا


١ المحاجن: جمع محجن -عصا معوجٌة.
٢ المراق: أسفل البطن.
٣ بزغوه: أدموه.
٤ الخطاطيف والبلسان: نوعان من الطيور.
٥ في الشكل فقط وليس في المقدار إذ ذكر البرقي أن ابن عباس قال: أصغر الحجارة كرأس الإنسان، وكبارها كالإبل. وهذا الذي ذكره البرقي ذكره ابن إسحاق في رواية يونس عنه، وكانت قصة الفيل أول محرم من سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذي القرنين.
٦ ردينا: اسم امرأة، كأنها سميت بتصغير ردنة وهي القطعة من الردن "الحرير" نعمناكم: أن نعمنا بكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>