للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَخَرَجُوا يَتَسَاقَطُونَ بِكُلِّ طَرِيقٍ، ويهلِكون بكلِّ مَهْلِك عَلَى كُلِّ مَنْهل، وَأُصِيبَ أَبْرَهَةُ فِي جَسَدِهِ، وخرجوا به معهمٍ يسقط أنْملة أنْملة١: كُلَّمَا سَقَطَتْ أنْملة، أَتْبَعَتْهَا مِنْهُ مِدَّةٌ تَمُثُّ٢ قَيْحًا وَدَمًا، حَتَّى قَدِمُوا بِهِ صَنْعَاءَ وَهُوَ مِثْلُ فَرْخ الطَّائِرِ، فَمَا مَاتَ حَتَّى انْصَدَعَ صدرهُ عَنْ قَلْبِهِ، فِيمَا يزعُمون.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتبة أنه حُدِّث: أن أولَ ما رُؤيت الحصبةُ والجُدَرِي بِأَرْضِ الْعَرَبِ ذَلِكَ الْعَامَ، وَأَنَّهُ أول ما رُؤي بِهَا مَرَائِرُ الشَّجَرِ: الْحَرْمَلِ وَالْحَنْظَلِ والعُشَر ذَلِكَ العام.

الله -جل جلاله- يذكر حادثة الفيل ويمتن على قريش:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ مِمَّا يَعُدُّ اللَّهُ عَلَى قُرَيْشٍ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ وَفَضْلِهِ، مَا رَدَّ عَنْهُمْ مِنْ أَمْرِ الْحَبَشَةِ لِبَقَاءِ أَمْرِهِمْ وَمُدَّتِهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: ١-٥] وَقَالَ: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ١-٤] أَيْ لِئَلَّا يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ حَالِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، لِمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ مِنْ الخير لو قبلوه.

تفسير مفردات سورتي الفيل وقريش: قَالَ ابْنُ، هِشَامٍ: الْأَبَابِيلُ الْجَمَاعَاتُ، وَلَمْ تَتَكَلَّمْ لَهَا الْعَرَبُ بِوَاحِدِ عَلِمْنَاهُ٣ وَأَمَّا السِّجِّيل، فَأَخْبَرَنِي يُونُسُ النَّحْوِيُّ وَأَبُو عُبَيْدة أَنَّهُ عِنْدَ الْعَرَبِ: الشَّدِيدُ الصُّلْبُ، قَالَ رُؤبة بْنُ العَجَّاج:

ومسَّهم مَا مسَّ أصحابَ الفيلْ ... ترميهمُ حِجَارَةٌ مِنْ سِجِّيلْ

ولعبتْ طير بهم أبابيل


١ الأنملة: طرف الإصبع، ولكن قد يعبر بها عن طرف غير الإصبع، أى ينتثر جسمه قطعة قطعة.
٢ تمث: ترشح.
٣ ذكر ابن هشام أنها لا واحد لها من لفظها: وقال غيره: واحدها: إبالة، وأبول: وزاد ابن عزيز: وإِبّيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>