للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِيضًا مَرَاذبةً، غُلْبًا أَسَاوِرَةً ... أُسْدًا تُربب فِي الغَيْضاتِ أشبالَا١

يَرمون عَنْ شُدُفٍ كَأَنَّهَا غُبُط ... بِزَمْخَر يُعْجل المرمِيَّ إعْجَالَا٢

أرْسَلْتَ أسْدًا عَلَى سودِ الْكِلَابِ فَقَدْ ... أضحَى شريدُهُمُ فِي الأرضِ فُلَّالَا

فاشربْ هَنِيئًا عَلَيْكَ التاجُ مُرْتَفِقًا ... فِي رَأْسِ غُمدَانَ دَارًا مِنْكَ مِحْلالاَ٣

واشربْ هَنِيئًا فَقَدْ شالتْ نعامتُهم ... وأسبِل اليومَ فِي بُرديْكَ إسْبالاَ٤

تِلْكَ المكارمُ لَا قَعْبان مِنْ لبنٍ ... شِيبا بماءٍ فعادَا بعدُ أبوالَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذَا مَا صَحَّ لَهُ مِمَّا رَوَى ابْنُ إسْحَاقَ مِنْهَا، إلَّا آخِرَهَا بَيْتًا قَوْلُهُ:

تِلْكَ المكارمُ لَا قَعْبانَ مِنْ لَبَنٍ

فَإِنَّهُ لِلنَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ. وَاسْمُهُ: حِبَّان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْس٥، أحد بنى جَعْدة بن كعب


١ غُلبًا: شدادًا. والأساورة: الرماة، والغيضات: جمع غيضة الشجر الكثير الملتف.
٢ "يرمون عن شدف كأنها غبط" الشُّدَف: الشخص، ويجمع على شُدُف، ولم يرد هنا إلا القسي، وليس شدف جمعًا لشدف، وإنما هو جمع شدوف، وهو النشيط المرح يقال: شدف فهو شدف، ثم تقول: شدوف، كما نقول مروح، وقد يستعار المرح والنشاط للقسي لحسن تأتيها وجودة رميها وإصابتها، فيرمون عن شدف أي: يدفعون عنها بالرمي، ويكون الزمخر: القسي، أو النبل، والغبط: الهوادج، والزمخر: القصب الفارسي.
٣ غمدان أسسه: يعرب بن قحطان، وأكمله بعده، واحتله: وائل بن حمير بن سبأ، وكان ملكًا متوجًا كأبيه وجده.
٤ شالت نعامتهم: أي هلكوا، والنعامة: باطن القدم، وشالت: ارتفعت، ومن هلك ارتفعت رجلاه، وانتكس رأسه، فظهرت نعامة قدمه تقول العرب: تنعمت إذا مشيت حافيًا، قال الشاعر:
تنعمت لما جاءني سوء فعلهم ... ألا إنما البأساء للمتنعم
٥ ويروى أن اسمه: قيس بن عبد الله، وقيل: إن اسمه حبان بن قيس بن عبد الله بن وحوح، والوحوح فى اللغة: وسط الوادى، قاله أبو عبيد وأبو حنيفة الدينوري، وهو أحد النوابغ وهم ثمانية ذكرهم البكري. والنابغة شاعر معمر عاش مائتين وأربعين سنة أكثرها في الجاهلية وقدومه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنشاده إياه، ودعاء النبي -صلى الله عليه وسلم: "ألا يفض الله فاه مشهور".

<<  <  ج: ص:  >  >>