للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن كنتِ كاذبةَ الذي حدَّثتَني ... فنجوتِ مَنْجى الحارثِ بنِ هشامِ

تَرك الأحبةَ أَنْ يُقاتل دونَهم ... وَنَجَا برأسِ طِمرَّةٍ ولجامِ١

تَذَرُ العَناجيج الجيادَ بقفْرةٍ ... مرَّ الدَّموكِ بمُحْصَدٍ ورِجَامِ٢

مَلأتْ بِهِ الفَرْجَيْن فارمدَّت بِهِ ... وثَوَى أحبتُه بشرِّ مُقامِ٣

وَبَنُو أَبِيهِ ورَهطُه فِي مَعْركٍ

نَصَرَ الإلهُ بِهِ ذَوِي الْإِسْلَامِ

طحنتْهُمُ، وَاَللَّهُ يُنفذ أمرَه

حَربٌ يُشَبُّ سعيرُها بضرامِ

لَوْلَا الإلهُ وجَرْيُها لتركْنه

جَزَرَ السباعِ ودُسْنَه بحوامِي

مِنْ بينِ مَأْسُورٍ يُشدَّ وَثاقُهُ

صَقْر إذَا لاقَى الأسنةَ حَامي

ومجدَّلٍ لَا يَسْتَجِيبُ لدعوةٍ

حَتَّى تزولَ شوامخُ الأعلامِ

بالعارِ والذلِّ المبينِ إذا رَأَى

بيضَ السيوفِ تَسوق كلَّ هُمامِ

بِيَدَيْ أَغَرَّ إذَا انْتَمَى لَمْ يُخزِهِ

نسبُ القِصار سَمَيْدَعٍ مِقْدامِ٤

بيضٌ إذَا لَاقَتْ حَدِيدًا صَمَّمت

كالبرقِ تحتَ ظلالِ كلِّ غَمامِ

فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ، فَقَالَ:

اللَّهُ أعلمُ مَا تركتُ قتالَهمٍ

حَتَّى حَبَوْا مُهْري بأشقَرَ مُزْبِدِ٥

وَعَرَفْتُ أَنِّي إنْ أقاتلْ وَاحِدًا

أُقْتَلْ وَلَا يَنْكى عَدوِّيَ مَشْهدِي

فصددْتُ عَنْهُمْ وَالْأَحِبَّةُ فيهمُ

طَمعًا لَهُمْ بعقابِ يومٍ مُفْسِدِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَهَا الْحَارِثُ يَعْتَذِرُ مِنْ فِرَارِهِ يَوْمَ بَدْرٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْ قَصِيدَةِ حَسَّانَ ثَلَاثَةَ أبيات من آخرها؛ لأنه أقذع فيها.


١ الطمرة: الفرس كثيرة الجري.
٢ العناجيج: الطوال السراع. والدموك: البكرة بآلتها التي تكون عند رأس البئر، والحصد: الحبل الشديد الفتل؛ والرجام: واحد الرجامين، وهما الخشبتان اللتان تلقى عليهما البكرة.
٣ الفرجان: الفراغان اللذان بين يدي الفرس ورجليها. وأرمدت: أسرعت.
٤ القصار: من قصر سعيهم عن كسب المحامد، والسميدع: السيد.
٥ المزبد: ما قذف بالزبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>