للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخُوضُ الصَّرَّةَ الجمَّاءَ خَوْضاَ ... إذَا مَا الكلْبُ أَلْجَأَهُ الشَّفيفُ١

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْتُ قَصِيدَةً لِأَبِي أُسَامَةَ عَلَى اللَّامِّ، لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ بَدْرٍ إلَّا فِي أَوَّلِ بَيْتٍ مِنْهَا وَالثَّانِي، كراهة الإكثار.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتبة بْنِ رَبِيعَةَ تَبْكِي أَبَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ:

أعينَي جوادا بدمعٍ سَرِبْ ... عَلَى خيرِ خِنْدِفَ لَمْ ينقلبْ

تَدَاعَى لَهُ رهطُهُ غُدوةً ... بَنُو هاشمٍ وَبَنُو المطلبْ

يُذيقونه حَدَّ أسيافِهم ... يَعُلُّونَه بَعْدَ مَا قَدْ عَطِبْ

يَجرونه وعفيرُ التُّرَابِ ... عَلَى وجههِ عَارِيًا قَدْ سُلبْ

وَكَانَ لَنَا جَبلًا رَاسِيًا ... جميلَ المرآة كثيرَ العُشُبْ٢

وأمَّا بُرَيُ فَلَمْ أعْنِه ... فأوتِي مِنْ خَيْرِ مَا يَحتَسب٣

وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:

يريبُ عَلَيْنَا دهرُنا فيسوءنا ... ويأبَى فما تأتي بشيءٍ يغالبُهْ

أبعدَ قتيلٍ مِنْ لؤيِّ بنِ غالبٍ ... يُراع أمرؤ إنْ مَاتَ أَوْ مَاتَ صاحبُهْ

أَلَا رُبَّ يوم قد رُزئت مُرَزَّءًا ... تَرُوحُ وَتَغْدُو بالجزيلِ مواهبُهْ

فأبلغْ أَبَا سًفيانَ عَنِّي مَالكًا ... فَإِنْ ألْقَهْ يَوْمًا فَسَوْفَ أعاتبهْ٤

فَقَدْ كَانَ حَرْبٌ يُسعِرُ الحربَ إنَّهُ ... لكلِّ امرىء فِي الناسِ مَوْلًى يطالبُهْ٥

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:

للهِ عَيْنا مَنْ رَأى ... هُلْكا كَهُلْكِ رِجَالِيَهْ

يَا رُبَّ باكٍ لي غدا ... فى النائباتِ وباكيهْ


١ الصرة: شدة البرد. الجماء: الشديدة. والشفيف: الريح الشديدة.
٢ المرآة: أرادت مرآة العين، فنقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها فحذفت الهمزة.
٣ بري: مصغر البراء وهو اسم رجل.
٤ المالك: الرسالة الشفوية.
٥ حرب: والد أبي سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>