للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَيْهِ فَاسْتَتِبْهُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا فَابْعَثْ إليَّ بِرَأْسِهِ، فَبَعَثَ بَاذَانُ بِكِتَابِ كِسْرَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَتَبَ إلَيْهِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي أَنْ يُقتل كِسْرَى فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا"١ فَلَمَّا أَتَى باذانَ الكتابُ تَوَقَّفَ لِيَنْظُرَ، وَقَالَ: إنْ كَانَ نَبِيًّا، فَسَيَكُونُ مَا قَالَ، فقتلَ اللَّهُ كِسْرَى فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قُتل عَلَى يدَيْ ابْنِهِ شَيْرَويه، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ حِق الشيبانيُّ:

وَكِسْرَى إذْ تَقَسَّمه بَنُوهُ ... بأسيافٍ كَمَا اقتُسِم اللَّحامُ

تمخضتِ المنونُ لَهُ بيومٍ ... أَنَّى، ولكلِّ حاملةٍ تِمَامُ٢

إسْلَامُ بَاذَانَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ بَاذَانَ بَعَثَ بِإِسْلَامِهِ، وَإِسْلَامِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الفُرس إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ الرسلُ مِنْ الْفُرْسِ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَى مَنْ نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: "أنتم منا وإلينا أهلَ البيت".

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَبَلَغَنِي عَنْ الزهريِّ أَنَّهُ قَالَ: فَمِنْ ثَمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَلْمانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ".

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَهُوَ الَّذِي عَنَى سَطِيحٌ بِقَوْلِهِ: "نَبِيٌّ زَكِيٌّ، يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ"، وَاَلَّذِي عَنَى شِقٌّ بِقَوْلِهِ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِرَسُولِ مُرْسَل، يَأْتِي بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ، مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، يَكُونُ المُلك فِي قَوْمِهِ إلَى يوم الفصْل".


١ وكان مقتل كسرى حين قتله بنوه ليلة الثلاثاء لعشر من جمادى الأولى سنة سبع من الهجرة، وأسلم باذان باليمن في سنة عشر، وفيها بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أبناء الفرس الذين استوطنوا اليمن يدعوهم إلى الإسلام، فمن الأبناء: وهب بن مُنبه بن سَيج ابن ذُكبار، وطاوس وذادَوَيْه وفيروز اللذان قتلا الأسود العنسي الكذاب، وقد قيل فى طاوس: إنه ليس من الأبناء، وإنه من حمير، وقد قيل: من فارس، واسمه: ذكوان بن كيسان، وهو مولى بجير بن ريسان؛ وقد قيل: مولَى الجَعد، وكان يقال له طاوس القُراء لجماله.
٢ تمخضت: حملت، والمنون: المنية، وهو أيضًا من أسماء الدهر، وهو من منت الحبل إذا قطعته، وأني: أي حان.

<<  <  ج: ص:  >  >>