للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو العمل بالعلم، والنظر الخالص لنفوسهم.

أف لنفسي! وقد سطرت عدة مجلدات في فنون١العلم، وما عبق بها ضيلة٢.

إن نوظرت شمخت، وإن نوصحت تعجرفت٣، وإن لاحت الدنيا طارت إليها طيران الرخم، وسقطت عليها سقوط الغراب على الجيف؛ فليتها أخذت أخذ المضطر من الميتة، توفر في المخالطة عيوبا تبلى، ولا تحتشم نظر الحق إليها، وإن انكسر لها غرض تضجرت٤، وإن أمدت بالنعم اشتغلت عن المنعم.

أف والله مني، اليوم على وجه الأرض وغدا تحتها.

والله إن نتن جسدي بعد ثلاث تحت التراب أقل من نتن خلائقي وأنا بين الأصحاب.

والله إنني قد بهرني حلم هذا الكريم عني؛ كيف يسترني وأنا أتهتك، ويجمعني وأنا أتشتت؟! وغدا يقال: مات الحبر العالم الصالح، ولو عرفوني حق معرفتي بنفسي ما دفنوني.

والله لأنادين على نفسي نداء المكشفين معائب الأعداء، ولأنوحن نوح


١ لعله يشير إلى كتابه "الفنون" الذي بلغ ثمانمائة مجلد كما ذكر ذلك ابن رجب الحنبلي في كتابه ذيل طبقات الحنابلة١/١٥٦.
٢ يعني أنه ما استفاد مما علم، ولم يعلق به شيء من ذلك، وهذا من تواضعه.
٣ يعني تكبرت واستنكفت عن قبول الحق.
٤ يعني إن نفسه تضجر وتسخط إذا لم تأتها الأمور كما تريد.

<<  <   >  >>