للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عما يوجب عقوبة، وما أرى لذلك إلا شكرا باللسان.

ولقد تفكرت في خطايا لو عوقبت ببعضها لهلكت سريعا، ولو كشف للناس بعضها لاستحييت.

ولا يعتقد معتقد عند سماع هذا أنها من كبائر الذنوب حتى يظن في ما يظن في الفساق، بل هي ذنوب قبيحة في حق مثلي وقعت بتأويلات فاسدة؛ فصرت إذا دعوت أقول: اللهم بحمدك وسترك علي اغفر لي.

ثم طالبت نفسي بالشكر على ذلك فما وجدته كما ينبغي.

ثم أنا أتقاضى القدر مراداتي، ولا أتقاضى بصبر على مكروه، ولا بشكر على نعمة؛ فأخذت أنوح على تقصيري في شكر المنعم، وكوني أتلذذ بإيراد العلم من غير تحقيق عمل به، وقد كنت أرجو مقامات الكبار فذهب العمر وما حصل المقصود؛ فوجدت أبا الوفاء ابن عقيل قد ناح نحو ما نحت؛ فأعجبتني نياحته١فكتبتها ههنا.

قال لنفسه: يا رعناء! تقومّمين الألفاظ؛ ليقال: مناظر، وثمرة هذا أن يقال: يا مناظر، كما يقال للمصارع: الفارة.

ضيعت أعز الأشياء وأنفسها عند العقلاء ـ وهي آخر أيام العمر ـ حتى شاع لك بين من يموت غدا اسم مناظر، ثم ينسى الذاكر والمذكور إذا درست القلوب، هذا إن تأخر الأمر إلى موتك، بل ربما نشأ شاب أفره منك، فموهوا له، وصار الاسم له، والعقلاء٢ عن الله تشاغلوا بما إذا انطووا نشرهم٣،


١ يعني بكاءه على نفسه، ولومها لتقصيرها في جنب الله.
٢ يعني بهم: الذين يعقلون عنه أمره ونهيه.
٣ يعني: إذا ماتوا أحياهم، وجعل الناس يذكرونهم.

<<  <   >  >>