للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حبان في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فعليكم بسنتي" ١ قال: إن من واظب على السُّنن وقال بها، ولم يعرج على غيرها من الآراء فهو من الفرقة الناجية"٢.

وقال ابن قتيبة: "فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من جهته، وتتبعوه من مظانه، وتقربوا إلى الله تعالى بإتباعهم سُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلبهم لآثاره وأخباره براً وبحراً وشرقاً وغرباً.

يرحل الواحد منهم راجلاً مقوياً في طلب الخبر الواحد أو السُّنَّة الواحدة حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة، ثم لم يزالوا في التنقيب عن الأخبار والبحث عنها حتى فهموا صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي.

فنبّهوا على ذلك حتى نجم الحق بعد أن كان عافياً وبسق بعد أن كان دارساً، واجتمع بعد أن كان متفرقاً، وانقاد للسُنن من كان عنها معرضاً، وتنّبه عليها من كان عنها غافلاً، وحكم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد أن كان يحكم بقول فلان وفلان وإن كان فيه خلاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم"٣.

فالحق فيما اعتقده أهل الحديث، وإن مخالفة عقائدهم ضلال وهوى لاعتصامهم بكتاب الله عزّ وجلّ، وتمسّكهم بسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كان على ذلك فقد استضاء بالنور واستفتح باب الرشد وطلب الحق من مظانه٤

قال علي بن المديني في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا تزال طائفة من


١ أخرجه أبو داود كتاب السنة باب في لزوم السنة (٥/١٣) ح (٤٦٠٧) والترمذي كتاب العلم باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (٥/٤٤) ح (٢٦٧٦) كلاهما من طريق عبد الرحمن السلمي عن العرباض بن سارية وأخرجه ابن ماجة المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين (١/١٥) ح (٤٢) من طريق يحيى بن أبي المطاع عن العرباض بن سارية قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح) .
٢ الاحسان (١/١٠٥) .
٣ تأويل مختلف الحديث ص ٧١.
٤ تأويل مختلف الحديث ص ٨٢ بتصرف.

<<  <   >  >>