ويذكر كثيرا من الأسانيد خلال عرضه للأحداث، ومنها ما هو مرفوع، ومنها ما هو مرسل، ثم يعود فيقول: قالوا: أي شيوخه الذين صدر بهم الحدث. ويعرض التفاصيل دقيقة عن الغزوات من حيث عدد الغزاة ومتاعهم، ومركوبهم وطريق سيرهم، وما يحصل بينهم... ويرجح ويختار، ويقرر بعض الأحداث تقرير الواثق مما يقول.
وكان خلال حديثه عن الغزوة ينقل بأسانيده- ومنها الجياد ومنها الضعاف- أخباراً موضحة ومعلومات هامة متعلقة بالموضوع، مما يضفي على عمله صفة الاستقصاء زيادة على ما جمعه من المصنفين قبله: الزهري، ومعمر، وموسى بن عقبة، وأبو معشر، ومحمد بن صالح بن دينار ويزيد بن رومان، والطبقة الأولى مثل: عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيرهم.
وبهذا نستطيع أن نتصور الجمع الذي أراد الواقدي القيام به. وبالمقارنة بين روايات ابن إسحق والواقدي يتبين أن الواقدي لم يَرْو عن ابن إسحق مباشرة ونقل عنه بندرة، وذكر كثيرا من الروايات والتفاصيل التي لم يذكرها ابن إسحق.
وهنا أستطيع القول إن التصنيف في السيرة النبوية، بلغ الذروة مع الواقدي. ولهذا اضطر المصنفون في السيرة إلى الرجوع للواقدي، للدقائق والتفاصيل التي استقصاها وتتبعها وحاول تحريرها، وفي هذا يقول ابن سيد الناس: "وكثيراً ما أنقل عن الواقدي من طريق محمد بن سعد وغيره أخباراً، ولعل كثيراً منها لا يوجد عند غيره، فإلى ابن عمر انتهى علم ذلك أيضا في