الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله، وصحبه، ومن سار على نهجه.
أما بعد:
فإن كتاب "إقامة الحجة والدليل وإيضاح المحجة والسبيل على ما موّه به أهل الكذب والْمَين من زنادقة أهل البحرين" كتابٌ احتجب عن الأعين زمناً طويلاً، وتوارى عن دور أهل العلم إلا قليلاً قليلا، حتى يئس أكثر الطلاب من العثور عليه، وانقطع أملهم في الوصول إليه.
ولما نما إلى السمع زمجرة المحبين بالشوق إلى رؤيته ومدارسته، وأنين العاشقين إلى مسامرته ومنادمته.
تاقت النفس إلى قضاء وطرهم، وتفريج كربهم، وبعث السرور إلى نفوسهم.
فأملت علي: إحياءه وبعثه، وتجديده ونشره.
فاستجبت لذلك ولبيت، وبادرت وما تأنيت، وها هو اليوم قد دنت ثماره للمجتنين، وسهل تناولها للمقتطفين، بعد أن مرّت على شجرته سبعة وسبعون عاما لم تسق بماء، ولم تلقح بهواء، ولم تبرز لسَمَاء.