للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلى أساس العلم الصحيح بالله وبأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح وتنبني مطالب الرسالة جميعها، فهذا التوحيد أساس الهداية والإيمان وأصل الدين الذي يقوم عليه، ولذلك فإنه لا يتصور إيمان صحيح ممن لا يعرف ربه، فهذه المعرفة لازمة لانعقاد أصل الإيمان، وهي مهمة جداً للمؤمن لشدة حاجته إليها لسلامة قلبه وصلاح معتقده واستقامة عمله؛ وهي التي توجب للعبد التمييز بين الإيمان والكفر، والتوحيد والشرك، والإقرار والتعطيل، وتنزيه الرب عما لا يليق به، ووصفه بما هو أهله من الجلال والإكرام؛ وذلك يتم كما هو معلوم بتدبر كلام الله تعالى وما تعرَّف به سبحانه إلى عباده على ألسنة رسله من أسمائه وصفاته وأفعاله، وما نزه نفسه عنه مما لا ينبغي له ولا يليق به سبحانه.

ولما كانت صفة المعية إحدى الصفات الثابتة لله تعالى كما دلت على ذلك الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية؛ فقد أحببت أن أجمع النصوص المروية في ذلك لتقرير هذه الصفة ولتوضيح المسائل المتعلقة بها من جهة، والرد على شبهات المخالفين التي أثيرت حولها من جهة أخرى.

ومما دفعني للكتابة في هذا الموضوع ما أسمعه من بعض الشبه التي تثار بين الحين والآخر حول آيات المعية من قبل أتباع أهل الكلام الذين لا يعتمدون في هذا الباب أصلاً على النصوص الشرعية، ولكنهم حاولوا التمسك بآيات المعية في إنكارهم وردهم لصفة العلو زعماً منهم أن آيات المعية تدل على أن الله بذاته في كل مكان.

وقد لبَّسوا بذلك على بعض من ليس له بصيرة ولا علم بالمأثور عن السلف في هذه المسألة، فظنوا أن هناك تعارضا بين النصوص؛ أو أن النصوص تشهد

<<  <   >  >>