اعلم أن المستشار ليس بكفيل، وأن الرأي ليس بمضمون, بل الرأي كله غرر١؛ لأن أمور الدنيا ليس شيء منها بثقة، ولأنه ليس من أمرها شيء يدركه الحازم, إلا وقد يدركه العاجز, بل ربما أعيا الحزمة ما أمكن العجزة, فإذا أشار عليك صاحبك برأي، ثم لم تجد عاقبته على ما كنت تأمل, فلا تجعل ذلك عليه ذنبًا، ولا تلزمه لومًا وعذلًا, بأن تقول: أنت فعلت هذا بي، وأنت أمرتني، ولولا أنت لم أفعل، ولا جرم لا أطيعك في شيء بعدها, فإن هذا كله ضجر, ولؤم, وخفة.
فإن كنت أنت المشير، فعمل برأيك, أو تركه، فبدا صوابك, فلا تمنن به, ولا تكثرن ذكره إن كان فيه نجاح، ولا تلمه عليه, إن كان قد استبان في تركه ضرر, بأن تقول: ألم أقل لك: افعل هذا, فإن هذا مجانب لأدب الحكماء.
حسن الاستماع:
تعلم حسن الاستماع, كما تتعلم حسن الكلام, ومن حسن الاستماع إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه، وقلة