للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التلقت إلى الجواب، والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم، والوعي لما يقول.

واعلم، في ما تكلم به صاحبك، أن مما يهجن صواب ما يأتي به، ويذهب بطعمه وبهجته، ويرزي به في قبوله، عجلتك بذلك، وقطعك حديث الرجل قبل أن يفضي إليك بذات نفسه١.

كيف يكون الزهد؟:

إن رأيت نفسك تصاغرت إليها الدنيا، أو دعتك إلى الزهادة فيها على حال تعذر من الدنيا عليك, فلا يغرنك ذلك في نفسك على تلك الحال، فإنها ليست بزهادة، ولكنها ضجر, واستخذاء٢, وتغير نفس, عندما أعجزك من الدنيا, وغضب منك عليها مما التوى٣ عليك منها. ولو تممت٤ على رفضها, وأمسكت عن طلبها, أوشكت أن ترى من نفسك من الضجر والجزع أشد من ضجرك الأول بأضعاف، ولكن إذا دعتك نفسك إلى رفض الدنيا, وهي مقبلة عليك، فأسرع إلى إجابتها.


١ أي يكشف لك مكنونات صدره.
٢ الاستخذاء: الاسترخاء، الانقياد.
٣ التوى: صعب عليك الوصول إليه.
٤ تمم على أمره: إمضاه, وأنفذه.

<<  <   >  >>