للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما حاجة الأظعان حولك في الدّجى ... إلى قمر؟ ما واجدٌ لك عادمه

الأظعان: الراحلون، والهاء في عادمه للقمر.

يقول: الراحلون معك في ظلمة الليل، لا يحتاجون إلى ضوء القمر؛ لأن من وجدك فقد وجد القمر.

إذا ظفرت منك العيون بنظرةٍ ... أثاب بها معيي المطيّ ورازمه

ثاب وأثاب: بمعنى. أي أرجع. والمعيي: الرازم، وجمعهما لاختلاف اللفظتين. وقيل الرازم: الذي قد قام من الإعياء.

يقول: إن الإبل المعيية إذا نظرت إليك عادت إليها نفسها، فكيف نحن مع شدة شوقنا إليك! فهو أولى بنا.

حبيبٌ كأنّ الحسن كان يحبّه ... فآثره أوجار في الحسن قاسمه

روى في الحكم وفي الحسن والهاء في يحبه للحبيب، وكذلك في آثره وفي قاسمه للحسن.

يقول: كان الحسن يحب هذا الحبيب، فآثره على غيره وخصه بزيادة الحسن وبدائعه، أو جار من قسم الحسن في قسمته، فأعطى هذا الحبيب أكثر مما أعطى غيره.

تحول رماح الخطّ دون سبائه ... وتسبى له من كلّ حيّ كرائمه

الهاء في كرائمه تعود إلى حي وهو جمع كريمة.

يقول: إن الرماح تحول بين هذا الحبيب وبين من أراد سباءه؛ لعزة قومه وتسبى الرماح له من كل حي كرائمه.

ويضحى غبار الخيل أدنى ستوره ... وآخرها نشر الكباء الملازمة

الكباء: العود والبخور، والنشر: الرائحة الطيبة، والهاء في ستوره للحبيب وفي آخرها للستور وفي ملازمه لآخرها.

يقول: عليه ستور كثيره، فأدناها إلينا غبار الخيل التي تركض حوله، وآخرها داخلها يلازمه ريح العود ودخانه.

وما استغربت عيني فراقاً رأيته ... ولا علّمتني غير ما القلب عالمه

يعني: ليس هذا بأول فراق رأيته فأستغربه، بل رأيت مثله كثيراً، والهاء في عالمه راجعة إلى ما.

فلا يتّهمني الكاشحون فإنّني ... رعيت الرّدى حتّى حلت لي علاقمه

العلقم: شجر مر، وأراد به ها هنا الشدائد.

يقول: لا يتهمني الأعداء على الردي، أني أضعف عن احتماله، فإني قد تعودته وقاسيت أمثاله، حتى حلا في فمي كل مر، وهان علي كل صعب.

مشبّ الّذي يبكي الشّباب مشيبه ... فكيف توقّيه وبانيه هادمه؟!

المشب: الذي يشب ويأتي بالشباب. والمشيب: الذي يأتي بالمشيب، والضمائر كلها تعود إلى الذي ويجوز أن يكون في مشيبه يعود إليه فقط، وفي توقيه وبانيه وهادمه يعود إلى الشباب.

يقول: إن الذي يبكي الشباب لا ينفعه، فإن الشيب الذي صيره شاباً، هو الذي أفضى به إلى المشيب، وهو الحياة، فإنه تنقله من حال إلى حال، فكيف نقدر على الاحتراز منه؟! وهو الشيء الذي به بقاؤه وبه فناؤه. وقيل: هو الله تعالى الذي يأتي بالشباب والشيب. وقيل أراد به: الدهر على ما جرت عادته في نسبة الحوادث إليه.

وتكملة العيش الصّبا وعقيبه ... وغائب لون العارضين وقادمه

له معنيان: أحدهما: أن كمال العيش إنما هو في الصبا وفيما يعقب الصبا، فأما أيام الشيب فلا تعد من العيش، لأنها مشوبة بالأحزان والأسقام.

وقوله: وغائب لون العارضين وقادمه يعني أن هذا تكملة العيش، وأراد به حال نقاء العارض من الشعر، ثم غاب ذلك وقدم عليه بياض الشيب والشعر. وهذا أحسن.

والثاني: أن المراد به أن جميع العمر ما ذكر من هذا البيت وهو: أيام الصبي، ثم عقيبة الشباب، وبعده بياض الشعر بعد سواده، وهو أيام الشيب. والهاء في قادمه تعود إلى اللون.

قال ابن جني: سألته وقت القراءة عليه: أيقال تكملة العيش لجميعه؟ قال: هو جائز لأنه بالجميع يكمل.

وما خضّب النّاس البياض لأنّه ... قبيحٌ، ولكن أحسن الشّعر فاحمه

الفاحم: الشديد السواد. يقول: إن الناس لا يخضبون البياض لأنه قبيح، بل هو حسن، ولكن الشعر الأسود أحسن في مرأى العين؛ لدلالته على فتى السن، والبياض يدل على الهرم.

وأحسن من ماء الشّبيبة كلّه ... حيا بارقٍ في فازةٍ أنا شائمه

الحيا: المطر، والبارق: السحاب الذي فيه برق. والفازة: الخيمة. وشمت البرق: إذا نظرت مخايله. والهاء في شائمه تعود إلى الحيا.

يقول: مطر سحابة في خيمة، وأنا أنظر إليه، أحسن من ماء الشباب، لأني أنال به من السرور واللذات، ما لا أناله بالشباب.

عليها رياضٌ لم تحكها سحابةٌ ... وأغصان دوحٍ لم تغنّ حمائمه

<<  <   >  >>