للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الساحي: القاشر. والهاء في لساحية تعود على قوله غاد والحفش: الأثر. وقيل: هو مصدر السيل حفشاً: إذا جمع الماء من كل جانب. وقوله: كأيدي الخيل: أي كحفش أيدي الحيل، فحذف المضاف. والمخالي. جمع مخلاة، وهي وعاء يجعل فيه العلف.

يصف شدة وقع المطر الذي دعا لقبرها بسقياه فيقول: سقى قبرك غاد: مطر يقشر عنه ويترك على القبر أثراً مثل آثار أيدي الخيل إذا أبصرت المخالي ومثله. قول حميد:

فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الغمام وديمةٌ تهمى

وروى تنم. وقيل: هو من قولهم: حفش المطر الأرض: إذا أظهر نباتها. كأنه يقول: سقى قبرك غاد. مطر ينبت النبات. ثم شبهه بفعل أيدي الخيل في حالة مخصوصة، إشارة إلى معنى المبالغة في إنبات ما يدعو الناس إلى الإقامة بها والحلول فيها؛ لأنه كلما كان أشد كان أحسن لنباته. وقال ابن الأعرابي: حفشت السماء. إذا جاءت بمطر قليل، وهذا مما يزيد الطعن.

أسائل عنك بعدك كلّ مجدٍ ... وما عهدي بمجدٍ منك خالي

يقول: لما فقدتك جعلت أساءل عنك كل مجد؛ لأن المجد كان قرينك، وما رأيت مجداً خالياً منك، وكان هو الأولى بأن يسأل.

يمرّ بقبرك العافي فيبكي ... ويشغله البكاء عن السّؤال

يقول: إذا مر بقبرك من كان يقصدك، بكى أسفا لفقدك، فاشتغل ببكائه عن أن يسألك، كما كانت عادته في حياتك.

وما أهداك للجدوى عليه! ... لو أنّك تقدرين على فعال

الهاء في عليه للعافي.

يقول: ما أرشدك إلى الإجداء عليه، والإنعام لديه! لو قدرت على الفعل، ولكنك لا تقدرين على ذلك، لأنك ميته.

بعيشك هل سلوت؟ فإنّ قلبي ... وإن جانبت أرضك غير سالي

بعيشك: قسم على المتوفاة.

يقول: بعيشك، ألا أخبرتيني: هل سلوت عني وطابت نفسك بعدي؟! فإني وإن كنت بعيداً عن أرضك غير صابر عنك.

وهذا قد ذكره على لسان سيف الدولة، ولو لم يرد هذا المعنى لكان سوء أدب! ويحكى عن أبي الطيب أنه أنكر هذا البيت وقال: إنه زيد في القصيدة ليفسد به حالي عند سيف الدولة.

نزلت على الكراهة في مكانٍ ... بعدت عن النّعامى والشّمال

النعامى: الجنوب، وقيل: كل ريح، وقوله بعدت: أي بعدت فيه فحذف للعلم بذلك.

يقول: إنك قد نزلت على كراهة منك. وقيل: على كره منا، في مكان منعت فيه عن اللذات، وفقد الحياة، وتنسم رياح الجنوب والشمال!

تحجّب عنك رائحة الخزامى ... وتمنع منك أنداء الطّلال

الخزامى: نبت طيب الرائحة. وروى: الظلال والطلال بالظاء والطاء. ومعناه: إنك فقدت لذات الدنيا لفقدك الحياة.

بدار كلّ ساكنها غريبٌ ... طويل الهجر منبتّ الحبال

يقول: نزلت بدار كل ساكنها غريب، لأنه لم يكن به أحد قط، ولأنه منفرد لا يزوره أحد، وكل ساكنها طويل الهجر، لا يرجع إلى يوم الحشر، وهو منقطع الأسباب، إذ لا وصل بين الأحياء والأموات.

وقيل: أراد بقوله: منبت الحبال انبتات المودة كما قال أبو نواس:

وجاورت قوماً لا تزاور بينهم ... ولا وصل إلاّ أن يكون نشور

حصانٌ مثل ماء المزن فيه ... كتوم السّرّ صادقة المقال

حصان بفتح الحاء: أي عفيفة. والهاء في فيه ترجع إلى المكان في قوله: نزلت على الكراهة في مكان. وقيل: ترجع إلى المزن يعني مثل ماء المزن في المزن قبل مفارقتها إياه.

يمدحها بالعفة والطهارة وكتمان السر وصدق القول. وشبهها في طهارة أخلاقها بالماء ما دام في السحاب لا يلحقه دنس ولا كدر. وقيل في قوله: صادقة المقال لأنها لا تقارب ريبة فتحتاج إلى العذر.

يعلّلها نطاسيّ الشّكايا ... وواحدها نطاسيّ المعالي

يعللها: أي يداويها. وعللت المريض: إذا أقمت عليه في علته. النطاسي: الطبيب الفطن. والشكايا: جمع شكية وهي ما يشكوه من مرض وغيره وأراد بواحدها: سيف الدولة والهاء: للمتوفاة.

يقول: إن طبيب الأمراض كان يداويها، وكذلك واحدها: أي ابنها الذي هو طبيب المعالي. أي أنه إذا وقع الخلل في المعالي سده برأيه.

إذا وصفوا له داءً بثغرٍ ... سقاه أسنّة الأسل الطّوال

يقول: إن طبيب المعالي، فإذا وصف له داء بثغر من ثغور المسلمين، سقاه الأسنة وداواه بها حتى يشفيه كما يشفي الطبيب من الأمراض بالعقاقير والأدوية ومثله لأبي تمام:

<<  <   >  >>